(ضم عماد الدين زنكي لجزيرة ابن عمر 521هـ:)
الحلقة: 39
بقلم: د.علي محمد الصلابي
صفر 1444 ه/ سبتمبر 2022م
بعد أن رتب عماد الدين زنكي أوضاعه في الموصل، أراد الانتقال إلى جزيرة ابن عمر، وسار بقواته إليها، وبمجرد وصوله إلى مشارفها علم أعيانها وسكانها بقدومه، فخافوا منه، وامتنعوا عن استقباله، وأغلقوا أبواب المدينة في وجهه، فضرب عماد الدين حصاره حولها، وبدأ بمراسلة أعيان المدينة، ومماليك البرسقي، وحاول إقناعهم بالمهادنة، وبذل لهم الوعود الكثيرة إن سلموا المدينة، غير أنَّهم امتنعوا عن موافقته، وعند ذلك قرَّر عماد الدين قتالهم، وإخضاع المدينة عنوة. وكان مجرى دجلة يفصل بين جيش عماد الدين والمدينة فأمر قواته بعبور النهر إلى المدينة، فمنهم من عبر بالسفن، وبعضهم بالأكلاك.(1)
ولما تكاثر جيش عماد الدين وشدَّد حصاره على المدينة؛ كان السكان قد خرجوا إلى منطقة بين الجزيرة ودجلة تعرف بالزلاقة، وكانوا بخروجهم يحاولون منع جيش عماد الدين من إكمال عبوره، ولكن عساكر عماد الدين تمكنوا من العبور، وشددوا الحصار على المدينة، وجرت مناوشات بين مماليك البرسقي، والمهاجمين، ظهر فيها التباين بين القوتين، ولم يمض وقت طويل حتى انهزم جماعة البرسقي. ولما رأى أهالي الجزيرة أن ميزان المعركة ليس في صالحهم؛ ضعفوا، وأيقنوا أن على المدينة أن تستسلم أفضل من دخولها عنوة. فبعثوا إلى عماد الدين، يطلبون منه الأمان فاستجاب لطلبهم، واستلم المدينة،(2) ولعله بدأ بمهاجمة هذا الموقع قبل غيره من المدن والقلاع بسبب قربه من الموصل وأهميته العسكرية والاقتصادية.(3)
مراجع الحلقة التاسعة والثلاثون:
( ) تاريخ جزيرة ابن عمر ص 121.
(2) المصدر نفسه ص 121.
(3) عماد الدين زنكي ص 71.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي