الثلاثاء

1446-11-15

|

2025-5-13

(من ثمرات كفاح الشيخ الإبراهيمي بعد زيارته للمشرق)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 237

بقلم: د. علي محمد الصلابي

كانت جمعية العلماء الجزائريين في حاجة ملحة إلى الأنواع الاتية من المدارس:

أ ـ مائة وخمسون مدرسة ابتدائية علىالأقل في كل خمس سنين، حتى ينتهي عدد المدارس إلى ألف مدرسة.

ب ـ ثلاثة معاهد ثانوية على الأقل للذكور واثنان للبنات، في ظرف خمس سنوات، لترضي بها جزءاً من هذا الجيش المتكاثر من حملة الشهادات الابتدائية.

ج ـ معهدان كبيران على أقل للمعلمين، ومعهد على الأقل للمعلمات، في أقرب زمن، لتسد بمن يتخرج منها حاجة المدارس الابتدائية الجديدة إلى المعلمين.

أما رجال التعليم العالي، فالجمعية معتمدة في تخرجهم على الكليات العربية والجامعات في الشرق العربي.

لقد طلب الإبراهيمي من الحكومات العربية أن تبني للأمة الجزائرية ـ التي هي جزء منها ـ هذه الأنواع من المدارس كما تبني في أوطانها لشعوبها، ولها أن تباشر ذلك بنفسها إن سمحت لها الأوضاع السياسية، ولها أن توكل جمعية العلماء وتحاسبها على الفلس كما هو دين جمعية العلماء.

وكانت نتائج هذه الرحلة الشاقة:

أولاً: قررت حكومة مصر الملكية قبول عشرة طلاب بعثة من جمعية العلماء في معاهدها على حسب استعدادهم، وخصصت للواحد منهم خمسة جنيهات مصرية للشهر، وتتقاضى من كل واحد منهم في أول كل سنة دراسية رسوماً ذات أنواع تتحيف المخصص الشهري إلى أربع جنيهات وأقل في بعض الأوقات.

ـ وقررت حكومة الثورة لأول عهدها قبول أربعين طالباً على نفقتها عشرين على المعارف، وعشرين على الأزهر، فثبت نصيب المعارف بكل سهولة وحزم، ولم يثبت شيء من نصيب الأزهر. وأتعب الإبراهيمي التردد سنتين ثم سكت.

وفي سنة 1954م قبل اندلاع الثورة بقليل صرح الرئيس جمال عبد الناصر بقبول مائة طالب جزائري بعثة لجمعية العلماء، وتمت الإجراءات ولكن قيام الثورة في الجزائر عطل البعثة عن السفر.. وكانت المخصصات التي أرصدتها الحكومة المصرية لا تكفي للضروريات التي يحتاجها الطلاب، واستلزم ذلك جهداً كبيراً من الإبراهيمي ليقوم لطلبة البعثة بالبقية، وهي لا تقل عن مبلغ ما تدفعه الحكومة المصرية، وقد تزيد في كثير من الأوقات.

ثانياً: قررت حكومة سوريا قبول بعثة جمعية العلماء من عشرة تلاميذ لسنة 53/1954م، وعشرة لسنة 54/1955م.

ثالثاً: قررت حكومة العراق قبول عشرة طلاب لسنة 52/1953م، وقبول خمسة اخرين سنة 53/1954م.

رابعاً: قررت حكومة الكويت قبول خمسة عشر طالباً لجمعية العلماء الجزائريين من سنة 1953م.

خامساً: قرار إمام اليمن ببرقية رسمية الإنفاق على طالبين من بعثة جمعية العلماء الجزائريين في مصر من شهر مارس سنة 1953م، ولكن لم يتحقق شيء من ذلك إلا متأخراً.

سادساً: قررت الحكومة السعودية قبول خمسة طلاب في المعهد العلمي بالرياض على نية الزيادة في العام الدراسي الذي بعده.

فنتيجة هذه المساعي الجدية من الإبراهيمي في ثلاث سنوات متوالية، مع الحكومات العربية باسم الأمة الجزائرية أن أصبح لجمعية العلماء في الشرق العربي مائة تلميذ، أنفق عليهم الاف الجنيهات في السنة، زيادة على ما تنفقه الحكومات، وأما أحوال هذه البعثات في كفاية المخصصات الحكومية وعدم كفايتها، فبعثة الرياض موسع عليها إلى ما فوق الكفاية، وتليها بعثة الكويت في التوسعة، وتليها بعثة العراق، أما بعثة مصر وبعثة سوريا ؛ فكان الإبراهيمي منها في عذاب أليم لعدم كفاية المخصصات الرسمية.

واستطاع الإبراهيمي أن يجمع بضعة عشر ألف جنيه مصري، أرسلت من أقطار عربية مختلفة وفي أزمنة متفاوتة إلى مركز جمعية العلماء الجزائريين، وأرسلت الإيصالات إلى أصحابها مقرونة بالشكر، ومجموعها لا يبني للجزائر مدرسة ابتدائية ذات عشر فصول، وعلى هذا فهي لا تحل «مشكلة العروبة في الجزائر» .واستمر نضال الإبراهيمي وجهاده لقضية الإسلام والعروبة وإخراج المحتلين من بلاده.

وقد تركت رحلته إلى المشرق اثاراً سياسية وفكرية وثقافية، وألقى محاضرات وكتب مقالات مهمة في التاريخ الجزائري الحديث والفكر الإسلامي المستنير. وكتب مقالات سمَّاها (رحلتي إلى الأقطار الإسلامية) من رغبته لدراسة الشعوب والالتقاء بعلمائها، ودراسة أحوال الحكومات الإسلامية القديمة والحديثة، ومعرفة دراسة نفسية شباب الأمم الإسلامية المتباعدة الديار، ومبلغ تأثرهم بالعوامل الخارجية التي تبعدهم عن روح الإسلام، والبحث عن كيفية العلاج.

ووصف في هذه المقالات رحلته إلى باكستان بشيء من التفصيل، ألقى هناك المحاضرات المؤثرة التي نفع الله بها، فتكلم عن أخوة الإسلام، ودعا إلى الرجوع إلى هدي القران والسنة، وتحدث عن خماسيات عمر الأميري، وديوانه مع الله، في كراتشي بباكستان.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022