الثلاثاء

1446-11-15

|

2025-5-13

(زيارة الشيخ الإبراهيمي للعراق والمملكة العربية السعودية)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 238

بقلم: د.علي محمد الصلابي

1 ـ العراق:

كانت له صولات وجولات ولقاءات، وأحبه الشعب العراقي، وتفاعل مع قضية الجزائر، وألقى محاضرة عنوانها: (لا يصلح اخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها) فنقلتها إذاعة بغداد.

ـ وحديث اخر عنوانه: تعارف المسلمين مدعاة لقوتهم وعزتهم.ـ وألقى كلمة في الموصل الحدباء.

وكرَّمته بغداد غاية التكريم في احتفال مهيب عام 1952م.

كما أنني أذكر أن شيخي الدكتور عبد الكريم زيدان من كبار علماء العراق حدثني عن محبة الشعب العراقي للشيخ الإبراهيمي، وذكر لي تأثير تلك الزيارة ونجاحها في تحقيق أهدافها.

واعتبر الإبراهيمي تكريم الشعب العراقي له في بغداد ليس لشخصه، وإنما موجَّه إلى وطنه وأبناء وطنه الزائدين عن حماه، وألقى خطاباً كعادته، أسر القلوب وبهر العقول، جاء فيه:

أحييكم عن جمعية العلماء الجزائريين، التي أتت بما يُشبه معجزة موسى في إنقاذ أمة، وبما يشبه معجزة عيسى في إحياء ميِّت، وكانت في نفسها من معجزات محمد صلى الله عليه وسلم في خدمة دينه وإحياء لسانه.

وأحييكم باسم الشمال الأفريقي الجبَّار على الأعداء وعلى العوادي، الثائر على الهوان والظلم منذ برأه الله، مقبرة الطغاة، وجحيم البغاة، لا مقصِّراً إن شاء الله في جزائه ولا مفرِّقاً لأجزائه، ولا معترفاً بالحدود الي خطتها يد الظلم والعدوان. إلى أن قال:

أيها الإخوان:

إن الشمال الأفريقي كله فلذة من كبد الإسلام، وقطعة من وطن العروبة الكبير، وبقية مما فتح عقبة والمهاجر وحسَّان، وإن هذا الوطن هو أحد أجنحتكم التي تطيرون بها إلى العلاء، وإنه لامتداد لوطنكم الأكبر، وإنه متصل بكم اتصال الكف بالساعد، تصلون إليه كما وصل أجدادكم مشياً، ويصل إليكم كما وصل أسلافه حبواً، فريشوا هذا الجناح المهيض حتى تقوى قوادمه على الطيران، وصونوا حماه فإنه حماكم، وذودوا عن حوضه فإنه حوضكم، لأنَّه يحمل أمانة الأجداد التي تحملونها، فأعينوه على التحرير وأنقذوه من سوء المصير.

إن في هذا الشمال الذي يحدثكم لسانه كنوزاً من تراث العربية والإسلام، طمرها الاستعمار برطانته عمداً وطمس محاسنها بحضارته قصداً، فأعينونا بقوة نستخرج هذه الكنوز بإحياء الأخلاق والاداب والتاريخ.

إن بينكم وبينه صلات من اللغة والدين، وأرحاماً من الجنس والخصائص، فصلوا هذه الأرحام يكن بعضنا لبعض قوة.

إنكم لنا أئمة في الخير، وإنَّا بكم مؤتمُّون في الحق، فحققوا شروط الإمامة فيكم وطالبونا بتحقيق شروط الاقتداء، وَلنُقم الصفوف في معترك الحتوف تحت ظلال السيوف وإلا هلك الإمام والمأموم.

أما والله لن نُفلت من مخالب الاستعمار فُرادى، ولا نفلت منه إلا يوم نصبح أمة واحدة تلقى عدوَّها برأي واحد وقلب واحد، فإن لم نفعل، ولم نكفر بهذه الفوارق التي وضعها الشيطان بيننا، فلا نلم الاستعمار، ولنلُم أنفسنا.

أيها الإخوان:

إن أضعف سلاح رَمانا به الاستعمار هو سلاح الحديد والنار، إن سلاح الحديد يقتل الأجسام، فينقل الأرواح إلى مقام الشهادة. أما السلاح الفتَّاك الذي رمانا به فهو يقتل الأرواح ويجردها من أسباب السعادة، هذا السلاح هو حضارته وعلومه التي اتخذها رماداً يغطي به الصليبية الحقيقية التي لم تنطفأئ نارها في هذه القرون كلها.

2 ـ المملكة العربية السعودية 1954:

التقى بالأمراء والملوك والعلماء والدعاة، وحاضر وناقش وكتب المقالات المدوية، ومن أشهر ما كتب:

ـ وظيفة علماء الدين، في مجلة المنهل محرم 1372هـ أكتوبر 1952م.

ـ الشباب المحمدي، قي مكة في 1 صفر الخير 1372هـ، وجاء في هذه الكلمة:

والشباب المحمدي أحقّ شباب الأمم بالسبق إلى الحياة، والأخذ بأسباب القوة، لأن لهم من دينهم حافزاً إلى ذلك، ولهم في دينهم على كل مكرمة دليل، ولهم في تاريخهم على كل دعوى في الفخار شاهد.

أعيذ الشباب المحمدي أن يشغل وقته في تعداد ما اقترفه اباؤه من سيئات، أو في الافتخار بما عملوه من حسنات، بل يبني فوق ما بنى المحسنون، وليتق عشرات المسيئين، وأعيذه أن ينام في الزمان اليقظان، أو يهزل والدهر جادّ، أو يرضى بالدون من منازل الحياة.

يا شباب الإسلام! وصيتي إليكم أن تتصلوا بالله تديناً، وبنبيكم اتِّباعاً، وبالإسلام عملاً، وبتاريخ أجدادكم اطلاعاً، وباداب دينكم تخلقاً، وباداب لغتكم استعمالاً، وبإخوانكم في الإسلام ولِداتكم في الشبيبة اعتناءً واهتماماً، فإن فعلتم حزتم من الحياة الحظ الجليل، ومن ثواب الله الأجر الجزيل، وفاءت عليكم الدنيا بظلها الظليل.

ـ وتحدث عن أصدقائه الذين التقى معهم بالمدينة لما كانت مهاجراً وطالباً في مطلع شبابه، وخص بالذكر الشيخ الوجيه «محمد نصيف»، وقال في حقه:

أيها الإخوان:

إذا لم يُنصف الحجاز شيخه ومخلد مجده ورافع رايته أستاذنا الشيخ نصيفاً ؛ فإن العالم الإسلامي كله ينصفه، فكلنا أَلسِنة شاهدة بأنه مجموعة فضائل نعدّ منها ولا نعدِّدها،وإنه مجمع يلتقي عنده علماء الإسلام وقادته وزعماؤه، فيردون ظماء ويصدرون رواء، والتي أقولها بصيحة صريحة، وأؤدِّيها شهادة للحق والتاريخ بأنه محيي السنة في الحجاز من يوم كان علماؤه ـ ومنهم أشياخنا ـ متهورين في الضلالة، وأنه صنع للسلفية وإحياء اثارها ما تعجز عنه الجمعيات والحكومات، وأنه أنفق عمره وماله في نصرها ونشرها في هدوء المخلصين وسكون الحكماء، وسيسجل التاريخ العادل اثاره في عقول المسلمين، وسيشكر الله له غزوه للبدع بجيوش السنن، المتمثلة في كتبها وعلوم أئمتها، وجمعية العلماء نفسُها مَدِينة له، فإن الكتب السلفية لم تصلنا إلا من يده،

وسيسجَّل أنه مفخرة من مفاخر الإسلام، وأنه كفَّارة عن تقصير العلماء، وأنه زهرة فوَّاحة في أرض الحجاز، وأنه جماله الذي يغطِّي كل شين.

إني كنت قلت في الشيخ نصيف أبياتاً منها:

قل للذي عاب الحجاز

وجانب المثَلَ الحصيفا

هيهات لست ببالغ

مُدَّ الحجاز ولا «نصيفا»

وتواصل مع علماء الحجاز ونجد، وخاطب علماء نجد في قصيدة طويلة مطلعها:

إنَّا إذا ما ليلُ نجد عسعسا

وغربت هذي الجواري خُنَّسا

والصبح عن ضيائه تنفَّسا

قُمنا نؤدِّي الواجب المقدسا

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022