من كتاب إشراقات قرآنية بعنوان:
(سورة المدَّثِّر)
الحلقة التاسعة والثمانون
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
رجب 1442 هــ/ فبراير 2021
* {إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَر }:
هذا هو جواب القَسَم، أي: {سَقَر } إحدى الأمور الكبيرة العظيمة، و{الْكُبَر } جمع، والمفرد: كُبْرى، وقد يقال: كبريات.
* {نَذِيرًا لِّلْبَشَر }:
أي: نِذارة للناس جميعًا، وليس لبعضهم، ليس للعرب ولا لقريش ولا للناس في عصر الرسالة، بل للبشر كلهم جميعًا، إلى أن يرث الله الأرض ومَن عليها.
* {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّر }:
أي: {يَتَقَدَّمَ } في الطاعة، أو {يَتَأَخَّر } فيها، أو {يَتَقَدَّمَ } للإسلام، أو {يَتَأَخَّر } في الكفر.
وفي ذلك إشارة إلى أن التقدم والتأخر معياره: التقوى والإيمان، وهذا لا يُعارض التقدم في العلم والمعرفة والحضارة، والبناء والتشييد والاقتصاد، والانتفاع من الكون، فهذا مما يأمر الله به، وهو من نتائج العبودية الحقة له سبحانه، فالإيمان بالله ليس هروبًا من الحياة ولا إعراضًا عنها، وإنما هو إعراض عن الحرام والمعصية.
* {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَة }:
كل النفوس ذلك اليوم مرهونة، والرَّهْن: الأسر والإمساك، ومنه رهن المال؛ بأن يرهنه شيئًا يؤتمن عليه ويضمن به حقه، كما قال: {فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ } [البقرة: 283]، وهذه الآية كقوله تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِين } [الطور: 21].
والرَّهْن هنا ليس لحسب ولا لنسب، ولا لأسرة ولا لبلد، وإنما بالعمل والكسب، فيطلقها العدل أو يوبقها الجَوْر؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «كلُّ الناس يغدُو، فبائعٌ نفسَه، فمعتقُها أو مُوبِقُها».
* {إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِين }:
قيل: إن {أَصْحَابَ الْيَمِين } هم: أطفال المؤمنين الذين ماتوا قبل الحُلُم، وقيل: هم الأطفال جميعًا، فهم في مأمن لعدم التكليف.
والأقرب ما عليه جمهور أهل التفسير؛ وهو أن المقصود بـ{أَصْحَابَ الْيَمِين }: أهل الإيمان والإسلام، فإنهم يُحاسبون حسابًا يسيرًا، كما قال تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا } [الانشقاق: 8]، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن نُوقِشَ الحسابَ عُذِّب». وإنما يُعرض عليهم عرضًا، ثم يخلصون إلى الجنة برحمة أرحم الراحمين.
* ﴿فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ﴾:
يسأل بعضُهم بعضًا، والسياق يدل أن النفوس مرهونة في ذُعْر وخوف، في حين أن هؤلاء الناجين قد حَطُّوا رحالهم في الجنة، واطمأنوا على أنفسهم، فصاروا يتساءلون عن غيرهم.
وفي طيَّاتِ المعنى: أنهم أُقدِروا بقدرة الله على مخاطبة المجرمين، ومساءلتهم عن سوء مصيرهم، وما الذي قادهم إليه؛ ولذا وجَّهوا الخطاب إليهم مباشرة، والله تعالى ذكر في «سورة الصافات» قصة أحدهم: ﴿قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَدِينُونَ قَالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ٥٥ قَالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ﴾ [الصافات: 51-57].
وقال في «سورة الأعراف»: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ }، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ } [الأعراف: 44، 50]، فعلى رغم البُعد بينهم، إلا أن الله تعالى ذكر محاورات ومخاطبات ومساءلات ونداءات فيما بينهم، وهذا مما لا يحيط به العقل، ولكن يؤمن به بموجب ما أخبر.
ونحن نرى اليوم كيف أن التقنية قرَّبت البعيد بمجهود البشر العادي، ووفق السنن والنواميس المادية، فكيف بأمر الآخرة الذي لا يخضع للنواميس الدنيوية؟! ولذا سَمَّى الله يوم القيامة: {يَوْمَ التَّنَاد } [فاطر: 32]، الذي ينادي فيه بعضهم بعضًا.
* {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَر }:
السَّلْكُ: إدخال الشيء في الشيء، كإدخال الخيط في المَخِيط.
والمعنى: ما جعلكم مسلوكين في هذا السَّلْك؟! وما الذي أَوْدَى بكم في
{سَقَر }؟ وما أدخلكم فيها؟
فيأتي جوابهم، وهو دليل على أن السؤال لم يكن سؤال توبيخ وتبكيت، وإنما هو سؤال مستفهم: {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين }.
ولماذا يسأل المؤمنون عن هذا، مع أنهم يعرفون حقيقة الأمر؟
الجواب: يجوز أن يكون هذا سؤالًا لبعض أهل {سَقَر } الذين كانوا على الخير في ظاهر الأمر، مثلما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُجاءُ بالرجل يومَ القيامة، فيُلْقَى في النار، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ في النار، فيدورُ كما يدورُ الحمارُ برَحاهُ، فيجتمعُ أهلُ النار عليه، فيقولونَ: أَيْ فلانُ، ما شأْنُكَ، أليسَ كنتَ تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟! قال: كنتُ آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه». فعُذِّب بإتيانه للمنكر وتركه للمعروف، وليس لأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
أو سألوا أقوامًا لا يعرفونهم؛ لأن الخطاب بين أمم وقرون وأجيال في قديم البشر وحديثهم، وليس وقفًا على مَن كانوا في عصر الرسالة.
وقد يكون السؤال سؤال توبيخ وتبكيت، وهو جزء من عذاب الكافرين والظالمين.
* {قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّين }:
أي: تركوا الصلاة، وتَرْك الصلاة معناه: ترك العبودية لله، فهو إشارة إلى تركهم للعبادة، كما قال في وصف المؤمنين الناجين: {إِلاَّ الْمُصَلِّين } [المعارج: 22].
* {وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِين }:
أي: تركوا الإحسان إلى الخلق، ودائمًا يُقرن الإحسان في طاعة الله بالإحسان إلى عباد الله، فيُذكر هذا وهذا لتربية المؤمن، فبقدر ما يكون عابدًا لله ينبغي أن يكون محسنًا إلى عباد الله، والصلاة قُرنت مع الزكاة في أركان الإسلام.
* {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِين }:
والخوض هو: الكلام الذي لا فائدة منه من القيل والقال، كما قال سبحانه: {وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ } [التوبة: 69]، وقال: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [الأنعام: 68].
فالغالب أن الخوض: الهذر، يلقى ناسًا يتكلمون فيتكلم معهم، ولا يشعر بأهمية الكلمة؛ ولهذا قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «إن العبدَ ليتكلمُ بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالًا، يرفعه اللهُ بها درجات، وإن العبدَ ليتكلمُ بالكلمة من سخط الله، لا يُلقي لها بالًا، يَهْوي بها في جهنَّم».
وهذا ينطبق على {الْخَائِضِين } في المواقع الإلكترونية أو القنوات والحوارات أو المجالس العامة، الذين يلقون الكلام على عواهنه من غير رويَّة ولا تفكير، وقد يكون سخرية بآيات الله أو عباده الصالحين أو نصرة لباطل أو تعويقًا لحق دون تبين، بل لمجرد المجاراة والموافقة للأصدقاء أو النصرة بالباطل للظالمين أو الاسترزاق بالوقيعة والكذب والتشويه، ولا يستوي هؤلاء ومَن على كلمته نور وبرهان، يقولها نصرة لحق أو إزهاقًا لباطل.
* {وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّين }:
وختم الله أوصافهم بذلك؛ لأنه أهم الأسباب كلها، فكأنه سبب لما قبله.
* {حَتَّى أَتَانَا الْيَقِين }:
المقصود بـ{الْيَقِين }: الحق الذي لا مرية فيه، أي: أتاهم اليقين بالموت، والموت من اليقين، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أما هو فقد جاءهُ اليَقِينُ من ربِّه». أي: الموت، وقال تعالى: {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } [ق: 19].
و{الْيَقِين }: البعث ثم النار؛ فإنها قد أصبحت يقينًا؛ لأنهم رأوها عيانًا، ولم تعد مجرد خبر يُخبرون عنه، كما قال سبحانه: {ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِين } [التكاثر: 7]، ويمكن أن يقال: أتاهم الحق ثم الموت ثم النار، وكل من هذه الثلاث المتتابعة يقين يقوِّي {الْيَقِين } الذي قبله.
وكونهم كانوا يكذِّبون بيوم الدين حتى أتاهم {الْيَقِين } يدل على أن مقصودهم بـ{الْيَقِين }: الخبر إذا تحوَّل إلى حقيقة، ولا مجال للمجادلة في وقوعه، فهو ماثِلٌ للعيان، وهكذا صار أمر الموت والبعث والعذاب بالنسبة لهم.
* {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِين }:
في هذا إشارة إلى أن المؤمن قد يُعذَّب، ولكن تنفعه {شَفَاعَةُ الشَّافِعِين }، فمَن يُقصِّر في الصلاة، أو يخوض مع الخائضين، أو يقع منه ما يقع مما لا ينقض أصل الإيمان؛ عُرضة للعذاب، ولكن يخرج بـ{شَفَاعَةُ الشَّافِعِين } من الأنبياء والصِّدِّيقين والشهداء والصالحين، أو برحمة أرحم الراحمين، بخلاف هؤلاء المكذِّبين، فلا يشفع لهم أحد، بل كُتب عليهم الخلود في النار.
* {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِين }:
أي: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ } بـ{سَقَر }، و{التَّذْكِرَةِ } بالقرآن، و{التَّذْكِرَةِ } بالآخرة {مُعْرِضِين }، فلا يلتفتون ولا يُصغون، مع أنهم كانوا يخوضون {مَعَ الْخَائِضِين } في كل شيء، فإذا جاء الجِدُّ أعرضوا عنه أو خاضوا بالباطل والهزء والتكذيب.
* {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَة }:
{حُمُرٌ } جمع: حمار، والمقصود: حمار الوحش؛ لأنه هو الذي يُستنفر، بخلاف الحمار الأهلي، وحُمُر الوحش متوحِّشة سريعة النفور، وإذا نفر أحدها لحقه بقية القَطِيع بسرعة، وفي بعض القراءات: {مُّسۡتَنفَرَةٞ} بفتح الفاء، أي: أتاها مَن ينفِّرها، أو ما ينفرها، فهي مذعورة، ورواية حفص عن عاصم: {مُّسْتَنفِرَة }؛ لأنها في حالة نفار، يعني: هاربة.
* {فَرَّتْ مِن قَسْوَرَة }:
القَسْوَرَة جمع: قَسْوَر، وهو الصياد، وهذا هو قول جمهور المفسرين؛ لأن حمر الوحش تُؤكل، وهي من أفضل الصيد.
وقيل: القَسْوَرَة: الأسد، بلسان الحبشة، أي: فرَّت من الأسد.
والمقصود: أنها فَرَّت من شيء تخافه، فهؤلاء الناس يعرضون عن الموعظة التي تنفعهم إعراض هذه الوحوش، وفي ذلك وصف لهم بأنهم شابهوا هذه الوحوش في شدة النفور عن الحق، وقوة الإعراض عن سماعه وقبوله.
وجدير بالتأمل أن الذَّمَ الآن على إعراضه عن أصل التذكرة والدعوة والقرآن، فلا يسوّغ إطلاق هذه الآية على مؤمنين أعرضوا عن موعظة عابرة؛ لشغل أو لسآمة أو لوجهة نظر، وأين هذا من ذاك؟!
* {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُؤْتَى صُحُفًا مُّنَشَّرَة }:
بعدما شبَّههم بالحُمر الوحشية في حالة فرار ونِفَار، لا تسمع ولا ترى، أَضْرَبَ عن هذا المعنى ليشير إلى أن الحُمُر أحسن حالًا منهم من بعض الوجوه؛ لأنهم مع جهلهم ونفارهم مصابون بالكِبر والغرور والإعجاب بالنفس على غير شيء ومن دون سبب، فهم مثل العائل المستكبر الذي حُرِّمت عليه الجنة، فكل واحد منهم يقول: إنه لن يؤمن حتى ينزل عليه كتاب يخصه، كما في قوله تعالى: {قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ } [الأنعام: 124]، وهو دليل التكبر، {إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّا هُم بِبَالِغِيهِ } [غافر: 56]، وهو دليل الحسد، إذ يقولون: كيف يُبعث محمد ولا نُبعث نحن؟! وقالوا: كيف يأخذ بنو هاشم الرِّفادة والنبوة أيضًا؟! فلذلك أعرضوا.
والله لم يخبر أن ذلك إرادة كل مجموعة أو قبيلة، بل إرادة كل فرد {كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ }، يريد أن يكون عنده {صُحُفًا مُّنَشَّرَة } مكشوفة تقوم بها الحجة!.
* وهذا تعجيز وتحكُّم وصدود؛ لأن القرآن حجة للجميع؛ ولهذا قال سبحانه: {كَلاَّ بَل لاَ يَخَافُونَ الآخِرَة }:
{كَلاَّ } أي: لن يُؤتوا هذه الصحف المنشَّرة، فمَن هم؟! وبأي حجة يطلبون ذلك؟! فخلقتهم لا تؤهِّلهم لذلك، والمال والولد والوجاهة لا يؤهِّلهم لذلك، فهذا للدنيا متاع، والله تعالى يُؤتي النبوة مَن يشاء، فهم {لاَ يَخَافُونَ الآخِرَة } أي: ليس عندهم خوف، وإلا لآمنوا وأسلموا، {لاَ يَخَافُونَ } بسبب إعراضهم وخوضهم وشكِّهم، وإلا لو وُجد عندهم شيء من الخوف لحملهم على البحث والتحرِّي والاستعداد واليقظة.
* {كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَة }:
أي: لن يُؤتى أحدٌ منهم صحفًا منشَّرة، ولا يحلمون بهذا، فعندهم تذكرة واحدة هي {ذِكْرَى لِلْبَشَر }، وهم من البشر، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم {تَذْكِرَة }، والقرآن
{تَذْكِرَة } أي: موعظة تدعو الغافل أن يتذكَّر فيؤوب، والعاصي أن يتوب.
* {فَمَن شَاء ذَكَرَه }:
فالمسؤولية على الإنسان، كما قال تعالى: {لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيم } [التكوير: 28]، وأعاد المشيئة إليهم، فلهم مشيئة التذكر أو الإعراض، وحجتهم بقولهم: {لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا } [الأنعام: 148] حجة داحضة، وهم قادرون على أن يهتدوا باختيارهم كما ضلوا باختيارهم، وقد جعل الله تعالى لهم الإذن بذلك:
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ } [يونس: 100].
* {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَة }:
أي: لن يُطاع الله سبحانه وتعالى ولن يُعصى إلا بعلمه، فالله أقام الحجة على الناس بالوحي، ثم وفَّق مَن شاء من عباده إلى سلوك السبيل وخَذَل مَن يشاء، وتلطَّف بمَن شاء من عَبِيده، فسهَّل لهم الإيمان ومهَّده لهم تمهيدًا، وعاقب مَن يشاء من عَبِيده بصدودهم وإعراضهم، فجعل مسلكهم صعودًا: {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } [الأنعام: 125]