الأحد

1446-12-12

|

2025-6-8

نماذج من المعارك المختلفة بين جيش التحرير والسلطات الفرنسية (2)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 293

بقلم: د. علي محمد الصلابي

شوال 1443 ه/ مايو 2022م

يوم 28 جوان 1957م عرف جبل فوه «بين تبسة وبئر العاطر» اشتباكاً كبيراً بين 000،6 جندي فرنسي وثلاث فصائل من المجاهدين مسلحين ببنادق الية وثلاث رشاشات ثقيلة، صدّ المجاهدون هجمات العدو وتمكنوا من اختراق خط المحاصرة، بعد قتل 300 جندي فرنسي وجرح ما يقارب هذا العدد وتدمير دبابتين وشاحنات، وقد استشهد في هذا الاشتباك 29 مجاهداً وجُرح 7.(1)

ـ وعن معركة كيمل يقول الرائد مصطفى مراردة: كنا ذات يوم متمركزين في غابة «لبراجة» في كيمل، وكان العدو قد جاء إلى المنطقة بأعداد كثيفة من العساكر، وخلال عدة أيام أنشأ مراكز أحاط بها كل المكان الذي كنا متمركزين فيه وكنا نلاحظ تحركاته قبل أسبوع، لكن القائدين زبيري وسوايعي لم يصدرا الأوامر بتفريق المجاهدين ولا بالخروج من الغابة الكثيفة التي كان يتعذر على الواحد أن يرى غيره حتى على بعد عشرة أمتار، وكان أي اقتراح بالخروج من الغابة والانصراف من مواجهة العدو سيُعتبر جبناً ومحاولة للفرار من مواجهة العدو، ولذلك تم البقاء في نفس المكان حتى هاجم العدو الجبل الذي كنا متمركزين فيه، فلما رأينا هجوم العدو أيقن الجماعة أن الأمر جدّ وأننا هالكون لا محالة إذا بقينا في نفس المكان.. حاولنا أن نتسلل عبر الوادي، لكن العدو كان قد أخذ احتياطاته لذلك فتربص بنا على جنبي الوادي، ولذلك وقعنا في الكمين الذي أعده لنا وكان الرصاص ينهال علينا من كل صوب، ولم يكن بإمكاننا الرد لأن كل واحد منا كان همه النجاة ولسنا في وضعية تسمح لنا بأي رد فعل.

وكانت النتيجة أن تمت تصفية عدد كبير من المجاهدين ووقع علي سوايعي شهيداً إلى جانب مجموعة كبيرة من الثوار وجرح الطاهر الزبيري في يده.

وتمكنت أنا وجماعة من كتاب القيادة من النجاة، حيث خرجنا واتجهنا إلى زريبة الوادي مع رجل كان يعرف المنطقة جيداً اسمه «إبراهيم عقالي»، ومنها تفرقنا بعد أن فشل العدو في إدراكنا. في هذه المعركة استشهد الكثير من الأبطال الأوائل يبلغ عددهم أكثر من سبعين شهيداً، أذكر منهم: عباس المعروف باسم «تراكسيون»، بلقاسم البرجي، الشريف جيلاني، عبد العزيز عشي، عبود زرقيني، عمار محماح، لخضر قوارف، محمد الدراجي، الذين كانوا عيوناً لنا في الغابة، كما استشهد كل المسؤولين الذين كانوا قادة للمنشقين من قبل، وكان استشهاد كل هؤلاء خسارة كبيرة للثوار.(2)

وقد ذكر الدكتور أحمد بن نعمان في كتابه جهاد الجزائر حقائق التاريخ ومغالطات الجغرافيا، بعض المعارك التي وقعت أثناء الثورة نقلت منه ما حدث في الولاية الأولى، ومن أراد التوسع عن المعارك في الولاية الثانية والثالثة والرابعة والخامسة فليرجع إلى الكتاب المذكور(3)

وقد توسع كذلك الدكتور يحيى بوعزيز في كتابه «الثورة في الولاية الثالثة التاريخية»، وكذلك الدكتور بوعلام حمودة، الثورة الجزائرية، يقول الدكتور أحمد بن نعمان عند حديثه عن المعارك: تعمدنا وضع هذا الفصل لذكر بعض المعارك بصفة رمزية وليست حصرية، وذلك لدلالتها الزمانية والمكانية، وقد اعتمدنا فيها على شهادات المجاهدين الذين شاركوا في هذه المعارك، وكذلك بعض التقارير الولائية والوثائق الفرنسية المنشورة.(4)

ومن الملاحظات عن المعارك التي ذكرناها كنماذج:

ـ عدد القوات الفرنسية في كل معركة أكثر بكثير من عدد المجاهدين المقاتلين في الميدان، ففي كل عملية نجد الاف العساكر الفرنسية يجابهها المجاهدون بفصيلة أو كتيبة أو كتيبتين أو ثلاث كتائب «نادراً».

ـ هناك فروق كبيرة بين سلاح القوات الفرنسية وسلاح جيش التحرير الوطني، فالجيش الفرنسي متزود ببنادق الية وبمدافع رشاشة وأسلحة ثقيلة ودبابات ومصفحات ووسائل المواصلات ومتحرك تحت تغطية الطائرات الاستكشافية أو المقنبلة، أما جيش التحرير فإنه يستعمل نصيباً من البنادق الالية ونصيباً من البنادق نصف الالية وقليلاً من البنادق الرشاشة والرشاشات الثقيلة والباقي من بنادق صيد، والأسلحة معظمها منتزعة من العدو في المعارك، والباقي اتِ من بعض الفارين من الجيش الفرنسي، ومن الكميات الداخلة من تونس والمغرب وليبيا.(5)

ـ وبالرغم من هذه الفروق الكبيرة في التسلح وفي الوسائل وفي عدد المقاتلين في كل معركة ؛ نلاحظ أن خسائر الجيوش الفرنسية مرتفعة، وهذا راجع إلى شجاعة المجاهدين وإلى إيمانهم بالنصر وإلى قبولهم للتضحية الكبرى، وإلى تحركهم وإلى طبيعة الميدان الملائمة لحرب العصابات، وإلى تأييد الشعب الجزائري وسرعة التدرب على استعمال الأسلحة غير المعروفة سابقاً.

ـ بعد كل معركة مهما يكن نوعها تنتقم القوات الفرنسية من السكان الجزائريين الذين يعيشون بالقرب من ميادين العمليات، فيُقتل الأبرياء، وتُغتصب النساء، ويُعتقل الرجال بدون بينة، وتُدمر المساكن، وتُقتل الحياة الريفية بتأسيس مناطق محرمة ومحتشدات «مراكز تجميع السكان» .(6)

مراجع الحلقة الثالثة والتسعون بعد المائتين:

)) أحمد بن نعمان، جهاد الجزائر، ص 165.

(2) أحمد بن نعمان، جهاد الجزائر ص 166.

(3) المصدر نفسه ص 167 ـ 190.

(4) المصدر نفسه ص 163.

(5) بوعلام حمودة، الثورة الجزائرية، ص 240.

(6) المصدر نفسه، ص 241.

ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022