السبت

1446-12-11

|

2025-6-7

(صفحات من كفاح الشعب الجزائري... إضراب الأيام الثمانية)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 294

بقلم: د.علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م

لقد ساهمت التشكيلات الاجتماعية المنظمة من قبل جبهة التحرير الوطني في نجاح إضراب الأيام الثمانية، فقد استطاعت قيادة جبهة التحرير أن تصدر توجيهاتها إلى لجان المناطق والنواحي والأقسام، وإلى المسؤولين المحليين للمدن والقرى، وأعلمت المسؤولين السياسيين والعسكريين بأنه أثناء الأسبوع المقبل، وبالتحديد أثناء مناقشة القضية الجزائرية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ؛ أن ينطلق الإضراب بكفاءة تنظيمية عالية فوق كامل التراب الوطني.

والهدف الأساسي لهذا الإضراب هو إظهار تعلق المواطنين الثابت واللامشروط وبصورة واضحة بجبهة التحرير الوطني وبرنامجها.

كانت التعليمات قوية ومؤثرة وحازمة فقد جاء فيها: إن هذا الإضراب سيكون وسيلة لكل واحد كي يعبر عن إخلاصه للشهداء الذين لا يمكن نسيانهم وللقضية الوطنية.

إن هذا الإضراب سيكون عاماً، وسيمس بدون استثناء كافة «الطبقات» الجماهير العاملة «الشغيلة» عمال وأرباب العمل للقطاعين الخاص والعام موظفون وصيادلة وفلاحون ..الخ

لن يسمح بأي استثناء، وإن التعليمات سوف تبلغ المناسب لتحديد التاريخ المحدد للإضراب وكلمة السر والشعارات المطلوب توزيعها وكذا المهام المطلوبة، ثم فيما بعد تم تحديد تاريخ الإضراب من يوم الاثنين 28 جانفي إلى يوم الاثنين 4 فيفري 1957م.

غير أنه في انتظار هذه التعليمات ؛ فإنه على مختلف المسؤولين أن يقوموا بعمل دعائي كبير في الحال، وذلك لتحضير العقليات أكثر للاختبار نظراً لأهمية الهدف المنشود.

إن هذا الإضراب الحاسم يجب أن يعرف نجاحاً تاماً.

ـ تعيين لجان موجهة خصوصاً لتنظيم الإضراب في المدن والقرى التي لا توجد بها بعد اللجان المحلية للجبهة والتي تبلغ إليها التعليمات الضرورية.

ـ لفت انتباه الفدائيين منذ الان إلى الدور الذي سوف يوكل إليهم قريباً بهدف التنفيذ اللامشروط لكلمة السر الخاصة بالإضراب، ولهذا يجب عليهم تحضير القنابل والقنابل اليدوية والمتفجرات اللازمة وأن يكونوا على استعداد يوم انطلاق الإضراب.

ـ يجب على المسؤولين العسكريين فيما يخصهم أن يدرسوا كيفية تحضير كمائن على الطرق الوطنية والرئيسية لمنع مرور السيارات والأشخاص أثناء فترة الإضراب.(1)

ولقد اتُخذ هذا القرار في الثلث الأول من شهر نوفمبر 1956م بمقر لجنة التنسيق والتنفيذ الواقع بشارع بلقاسم كريم ـ تيلملي سابقاً ـ رقم 113، ولفهم أبعاد هذا القرار ينبغي وضعه في سياقه على الصعيد الدولي والفرنسي والجزائري:

ـ على الصعيد الدولي: كان السياق يتميز بحدثين بارزين:

ـ أولاً: اختطاف الطائرة المغربية التي كانت تنقل أربعة ممثلين قياديين وهم في طريقهم إلى تونس، وحسب صحافة ذلك العهد، إن المخطوفين الأربعة كانوا سيشاركون يوم 22 أكتوبر 1956م في لقاء مع الملك محمد الخامس والرئيس بورقيبة لمناقشة افاق السلام في المغرب العربي، وكان العاهل المغربي والرئيس التونسي يعتزمان التوسط بين الجبهة وفرنسا لإيجاد تسوية سلمية للقضية الجزائرية.

ـ ثانياً: العدوان الثلاثي على مصر، وقد جاء هذا العدوان الذي قامت به كل من بريطانيا وفرنسا والكيان الصهيوني إثر تأميم قناة السويس من طرف جمال عبد الناصر، وقد كانت تسيّر القناة شركة مساهمة بريطانية فرنسية. وقد ترك هذان الحدثان أثراً عميقاً وانفعالاً قوياً في صفوف الشعب الجزائري.(2)

ـ على الصعيد الفرنسي: كانت هناك حكومة يسارية على رأسها الاشتراكي غي مولي، وقد قررت هذه الحكومة اليسارية تصعيد الحرب بعد أن منحها المجلس الوطني الفرنسي كامل السلطات بتصويت أغلبية النواب بما في ذلك النواب الشيوعيون، وقد تجسد هذا القرار في إرسال مزيد من القوات الفرنسية إلى الجزائر.

ـ على الصعيد الجزائري: كان الغالة من الكولون يلحون في طلب إعدام المجاهدين الأوائل الذين وقعوا في الأسر ليكونوا عبرة ورادعاً لغيرهم في نظر أولئك الطغاة.

في هذا السياق الدولي الفرنسي والجزائري المشحون بالتوتر، قررت لجنة التنسيق والتنفيذ تنظيم إضراب الأيام الثمانية الشهير، الذي شكل أحد المعالم البارزة في مسيرة الثورة الجزائرية.

وكان توقيت الإضراب في البداية يوم 10 ديسمبر 1956م، وهو تاريخ مناقشة القضية الجزائرية كما أعلن بادأئ الأمر في الأوساط الأممية بنيويورك، لكن هذه الأوساط أجلت تاريخ المناقشة إلى 20 ديسمبر، فأُجِّل موعد الإضراب. وجاءت أعياد اخر السنة لتؤجل الموعد مرة ثانية، وهكذا من تأجيل إلى تأجيل حتى استقر رأي اللجنة على تاريخ 28 يناير 1957م لبدء الإضراب قبيل فتح ملف القضية الجزائرية في نيويورك.

مراجع الحلقة الرابعة والتسعون بعد المائتين:

)) مجموعة القوانين الداخلية لجيش التحرير، جمعها علي بوداري ص 99.

(2) محمد عباس، ثوار عظماء، ص 387.

ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022