السبت

1446-12-11

|

2025-6-7

(الوسائل القضائية التي اعتمدت عليها الثورة الجزائرية)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 301

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م

اهتم قادة الثورة بمعالجة المشاكل والقضايا التي تحدث بين المواطنين، وكلفوا المشرفين على شؤون الأوقاف الإسلامية وعلماء الدين بالتكفل بها وإصدار الأحكام في إطار الشريعة الإسلامية، ومنع أصحاب القضايا من اللجوء إلى القضاء الفرنسي الاستعماري، فاستجاب الجميع لذلك أيضاً وانصاعوا وأطاعوا بكل عفوية خدمة للثورة وأهدافها، وإفشالاً للسياسة الاستعمارية التي كانت تسعى دائماً من أجل إحداث الشرخ، وفصل الشعب عن الثورة.(1)

لقد أتى مؤتمر الصومام ببعض التوجيهات إلا أنها غير كافية. كوّن المؤتمر لجاناً شعبية من خمسة أشخاص، منها رئيس مُكّلف بالحالة المدنية والشؤون المدنية والإسلامية، كما قرر تأسيس محاكم تنظر في قضايا المدنيين والعسكريين، لكن ظروف الحرب وقرار ترحيل السكان من طرف القوات العسكرية الفرنسية لم يسمح ذلك بتنفيذ حرفي لتوجيهات مؤتمر الصومام في هذا الميدان، فاجتهد المسؤولون محلياً: تعيين قضاة واللجوء إلى «الجماعات»، تعيين لجان القضاء النصح بالصلح، لجوء إلى الفقه الإسلامي، أخذ بالاعتبار قائمة الممنوعات التي قررتها جبهة التحرير الوطني، تنفيذ الأحكام فوراً لأن الاستئناف صعب التطبيق.

أمام هذه الصعوبات صدر نص توجيهي أمضاه بلقاسم كريم يوم 12 أفريل 1958م بعد مداولة جرت داخل لجنة التنسيق والتنفيذ «ءِءِ CCE »، نشر هذا النص في كتاب عبد الحميد زوزو: فإلى القارأئ هذه الخلاصة: وضّح فصل من فصول التوجيه مفهوم المجاهد وواجباته وحقوقه، ووضح فصل اخر الأخطاء البسيطة والأخطاء الخطيرة والأخطاء الخطيرة جداً، وذكرت العقوبات المناسبة لكل حالة. تنظر محاكم الولايات في قضايا الاعتداءات الجنسية، تنظر المحكمة العليا في قضايا الضباط السامين، وتنظر محاكم الولايات في قضايا الضباط، وتنظر محاكم المناطق في قضايا ضباط الصف والجنود، ويُعين القضاة على حسب مستوى المحكمة من طرف لجنة التنسيق والتنفيذ أو الولاية أو المنطقة.

لكل متهم الحق في اختيار محام وإن لم يفعل ذلك تُعين المحكمة محامياً تلقائياً تُرفع الدعوى إلى المحكمة المسؤولة عن تعيين المحكمة فيُعين قاض للتحقيق في القضية.

بيّن بلقاسم كريم أن التعذيب ممنوع، وأن الحكم بالإعدام ينفذ بالرصاص.

إن ظروف الحرب لم تسمح بتطبيق كلي لهذه التوجيهات ولم تسمح للهيئة التنفيذية العليا بمراقبة درجة التطبيق في الميدان.

ثم صادق المجلس الوطني للثورة الجزائرية في السداسي الثاني من سنة 1959م على نصّ المؤسسات المؤقتة للدولة الجزائرية، حيث أكد على حق الدفاع، في حين أن القانون الأساسي لجبهة التحرير الوطني الذي صادق عليه المجلس الوطني للثورة الجزائرية في يناير 1960م ينصّ على أن كل مخالفة يرتكبها مناضل أو مسؤول هي من اختصاص الهيئة التي ينتمي إليها المعنيّ.

ونصّ القانون الأساسي أيضاً على أن لجنة ستؤسس لتحضير قائمة الأخطاء والعقوبات المناسبة لها، والإجراءات الخاصة بالتحقيق والمحاكمة.

وخارج الجزائر نُصّبت محاكم كلما طُرحت قضايا، محكمة تبورسق في تونس في جويلية 1957م، محكمة تونس لمحاكمة لعموري وأنصاره في مارس 1959م، ومحكمة وجدة لمحاكمة النقيب الزبير في صيف 1960م، إلا أن رمضان عبان اغتيل من دون مثوله أمام محكمة.

ومن الجدير بالذكر أن المرسوم رقم 163،62 الصادر يوم 31 ديسمبر 1962م اعتبر قرارات اللجان القضائية الجبهوية في المجال المدني صالحة وقابلة للتنفيذ، بشرط أن تحمل الصيغة التنفيذية على حسب الإجراءات المذكورة في المرسوم المشار إليه أعلاه.(2)

مراجع الحلقة الواحدة بعد الثلاثمائة

)) يحيى بوعزيز، الثورة في الولاية الثالثة ص 208.

(2) بوعلام بن حمودة، الثورة الجزائرية ص 297.

ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022