الثلاثاء

1447-01-20

|

2025-7-15

(صورة الزوجة الجزائرية في شعر الثورة)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 306

بقلم: د.علي محمد الصلابي

ذو الحجة 1443 ه/ يوليو 2022م

وهناك صور أخرى للزوجة سجلها شعر الثورة، وهي تمثل نموذج الزوجة المخلصة الوفية لزوجها في أحلك الظروف، هذه الصورة تطالعنا في قصيدة قصة ثائر «للشاعر محمد الأخضر السائحي» ومن خلال أسلوب القصة، يجسد لنا الشعر موقف الزوجة الشجاعة التي تشد عزيمة زوجها، بل نجدها هي التي تحثه على الالتحاق بصفوف الثورة ليعود إليها بالنصر، لتحيا معه حياة كريمة، وبرهنت الزوجة الجزائرية عن مدى شجاعتها وعمق وعيها، إذ أنها لم تكتف بتشجيع زوجها لمحاربة العدو، بل انضمت هي الأخرى في صفوف المجاهدين، وهذا ما تلخصه لنا قصيدة «بالفداء تحيا الجزائر» للشاعر أبو الحسن علي بن صالح، إذ يحكي لنا قصة فدائي وزوجته الفدائية الذين يلتحقان بالجبل ويضحيان بحياتهما في سبيل حرية الجزائر، وهذا سنة 1956م، يورد الشاعر أحداث هذه القصة في أسلوب الحكاية، والحوار بين الزوجين، فهذا الزوج يخاطب زوجته قائلاً:

عزمنا أن نضحي بالغوالي

وبالأموال والمهج الغوالي

نضحي بالنساء وبالرجال

ونبذل كل مرتخص وغالي

لتحرير العروبة في الجزائر

وداعاً واصبري صبراً جميل

اوإياك والبكا ودعي العويلا

فإن أمامنا درباً طويل

ابغير العز لا نرضى بديلا

عقدنا العزم أن تحيا الجزائر

وبعد أخذ ورد بين الزوجين تفاجأئ الزوجة زوجها بنضالها وعدتها الحربية التي كانت تخفيها عنه فيندهش الزوج لتكتمها وبطولتها، ويقرران في الأخير الالتحاق معاً إلى الجبل حيث الكفاح المسلح، ويصف الشاعر هذا الموقف الأخير بقوله:

هنا فتحت حقيبتها وكانت

أعدتها مجهزة ودارت

لتلبس بذلة زرقاء وراحت

تريه مسدساً ومُدى، وقالت

أنا بنت الفدا بنت الجزائر

تعجّب من تكتمها العجيب

ومن إخفاء بطولتها الغريب

فصاح بفرحة هذا مُنايا

لباة الليث لا تخشى الرزايا

تخوض بجرأة بحر المَنايا

وترسلها مدوية الشظايا

لتحرق كل محتل وغادر

فتجيبه الزوجة قائلة:

فهيا للمسير بكل عزم

لنبلغ ذروة الجبل الأشم

وحاذر أن ترانا يا ابن عمي

جواسيس العدو المدلهم

فـإن الليـل للثـوار سـاتـر

وهكذا تلتحق الزوجة مع زوجها إلى ساحة الوغى ليفديا الجزائر وفي ذلك قال الشاعر:

إلى ساح الوغى انبريا وراحا

ومن روح التحمس ما استراح

اتقلد مسرعاً كل سلاحا

ومن روح الفدا اتخذا وشاح

اوصـاحـا: بالفـدا تحيـا الجـزائـر(1)

وهكذا تجلو لنا صورة الزوجة في شعر الثورة التحريرية، في مواقف شتى، وهذا ببطولتها ومعاناتها وإسهامها، في صناعة الحدث الثوري مع قافلة المجاهدين، وبتشجيعها لزوجها على الالتحاق بالكفاح المسلح، وهذا في «سبيل الله عز وجل» ثم عزة وكرامة الوطن.(2)

كما كان للأخت والبنت والعمَّة والخالة والجدة دور كبير في الثورة ونجاحها والتصدي لأساليب الغزاة.

وفي كتاب قوانين مجموعة: القوانين الداخلية لجيش التحرير الوطني لعلي بوداري ذكر:

المنشور رقم 9 بتاريخ 2/5/1957م

الموضوع: دور النساء المجاهدات

بمقتضى قرار لجنة الولاية يصدر القانون التالي للفتيات المجاهدات:

ـ التعيين:

يتم تعيين النساء المجاهدات في مراكز التمريض وهن ملزمات بمتابعة تربص طبي إجباري مسبقاً تحت إشراف مسؤول المصلحة الصحية للولاية، غير أن لهذا الأخير صلاحية إعفاء أية مجاهدة لا تتمتع بالتكوين المطلوب من متابعة التربص.

تخضع النساء المجاهدات داخل مركز التمريض لنفس النظام بالنسبة لعمال ذلك المركز ما عدا فيما يتعلق بشروط السكن والنقل اللذين كانا موضوع بلاغ خاص «إرسال خاص».

ـ دور النساء المجاهدات:

تقوم النساء المجاهدات بدور مزدوج:

ـ دور طبي.

ـ دور سياسي.

ـ في الدور الطبي: تقوم النساء المجاهدات داخل مراكز التمريض بدور الممرضة لدى المرضى، أما خارج المركز يعتنين بكافة العلاجات الطبية وبأعمال المرأة المدنية.

ولدى ممارسة هذا الدور تكون المرأة المجاهدة تحت مسؤولية الممرض الرئيس للقسم الذي تم تعيينها لديه.

ـ الدور السياسي والاجتماعي: فوق إقليم القسم الذي وجد لديه منصب التعيين تقوم المرأة المجاهدة لدى أخواتها الجزائريات بدور اجتماعي وسياسي.

ـ الدور الاجتماعي: يجب على المرأة المجاهدة أن تكون مؤمنة اجتماعية حقيقة في خدمة المرأة الجزائرية، فيجب عليها أن تسعى لتمكينها من العلاجات الضرورية التي يمكن أن تساهم في تخفيف متاعب المرأة أو تحسين ظروفها أو ظروف العائلة، وتنصحها فيما يتعلق بتربية الأبناء وشروط النظافة والصحة ..الخ..

ولممارسة هذه المهمة فإنه يجب على المرأة المجاهدة أن تلعب دور المستشارة الناصحة التي تنير وتقنع، ولا يجوز لها أن تعطي أمراً مهماً كان.

ـ الدور السياسي: إن المرأة المجاهدة يجب عليها أن تعلم المرأة الجزائرية كيف تدرك مشاكل الساعة، وعلى الأخص فهي ملزمة بأن تشرح لها معنى «حقيقة» جبهة التحرير الوطني، ما هي أهداف الثورة الجزائرية وافاق المستقبل.

إن النساء المجاهدات يجب عليهن أن يكن قادرات على الإجابة عن أي سؤال يمكن أن يطرح عليهن من طرف أخواتهن في هذا الموضوع، ثم تعريف المرأة الجزائرية بواجباتها والتزاماتها، وعليهن بصفة خاصة أن يبينّ لهن ماذا تنتظر منها جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني في دورها السياسي والاجتماعي؟ إن النساء المجاهدات يعملن تحت مسؤولية المحافظ السياسي للقسم، حيث يوجد منصب التعيين.

إن لجان المناطق والنواحي والأقسام وكذا الأطباء والممرضون والممرضات مكلفون بتنفيذ هذا المنشور.(3)

مراجع الحلقة السادسة بعد الثلاثمائة:

)) المصادر العدد الخامس عام 2001م ص 102.

(2) المصدر نفسه.

(3) المصدر نفسه.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022