(محمد البشير ومقالاته التعبوية)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 308
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ذو الحجة 1443 ه/ يوليو 2022م
استمر العلامة محمد البشير الإبراهيمي في مقالاته وتوجيهاته الحماسية للشعب الجزائري، فكتب الكثير من المقالات، وسافر وجمع المال لدعم الثورة وجلب لها الدعم المعنوي والمادي، ومن أشهر مقالاته في تأجيج حماس الشعب والثوار ضد الاحتلال.
ـ كيف تنجح الثورة؟
الثورة القائمة في الجزائر، يتوقف نجاحها على تحقيق ثلاثة أشياء: الإطالة، والتعميم، والسلاح،وبهذه الثلاثة نجحت كل الثورات التي وقعت في العصور القريبة علىالاستعمار، فثورة ليبيا على الاستعمار الإيطالي دامت
عشرات السنين حتى أقضّت مضاجع الطليان من عسكريين وسياسيين، وثورة الهند الصينية على الفرنسيين الغاصبين دامت ثماني سنوات.
وإذا كان من سر نجاح ثورة الشهيد عمر المختار اعتصامه بالجبل الأخضر، فإن في الجزائر عشرات من الجبال تفوق الجبل الأخضر في الارتفاع ووعورة المسالك وكثافة الغابات الطبيعية، وليس جبل أوراس بأولها ولا باخرها، وهي ممتدة على طول القطر الجزائري من حدود تونس إلى حدود مراكش، وتوازيها سلسلة الأطلس الصغرى على طول سواحل مقاطعة قسنطينة، وثلثي مقاطعة الجزائر، وفيها من القمم الصخرية الوعرة والغابات ما لا يقل عن قمم وغابات الأطلس الأكبر.
فالجزائر مسلحة بهذا السلاح الطبيعي الذي لا يوجد في غيرها إلا قليلاً، غير أنه لا يحسن الاعتماد عليها كثيراً في هذا العصر الذي من أسلحته الطائرات والقنابل الثقيلة وأسلوب التطويق والحصار الذي يقطع الإمداد على المعتصمين بالجبال، ثم هذا الأسلوب الذي اهتدت إليه إيطاليا في أخريات ثورة عمر المختار، وهو ترحيل سكان القرى بالجبل وسفوحه وإبعادهم عن المجاهدين، ثم وضعهم في الأسلاك الشائكة المكهربة على ما يقرب من مئتي كيلومتر على الحدود المصرية، وهذا الصنيع نفسه قد بدأت فرنسا في سلوكه بجبل أوراس، فقد أفادت وكالات الأنباء أنها أمرت سكان القرى الامنة بالنزوح عنها كيداً لهم ومكراً بهم، حتى تنزل النكال بالثائرين ولو بتسليط النار على الغابات كلها.
وأما تعميمها فهو شرط أساسي لنجاحها لأنه يوزع القوى الفرنسية، ويقوي تأثير الرعب في نفوس المعمرين أصحاب المزارع والضياع، وهذا التعميم متوقف على الأسلوب الذي يجري عليه الثائرون في جبل أوراس، وعلى التوجيه السري الذي يباشره الدعاة إلى الثورة، والمغذون لها بالرأي والإمدادات المادية.
وأما التسليح فهو أصعب الأشياء، لأن الجزائر محاطة بمراكش وتونس، ولا يمكن التسليح إلا منها، وفرنسا محتاطة من عشرات السنين لهذه القضية بخصوصها، وما احتلت فزان إلا لهذا، وما بادرت بمفاوضة التونسيين وإسكات الفدائيين في تونس إلا لهذا، فعلى الرجال والهيئات العاملة لخير الجزائر خاصة والمغرب العربي عامة حصر أعمالها واهتمامها في هذه النقطة، ومع الجد والعزيمة والصدق والصبر وحسن التدبير يهون كل عسير.(1)
مراجع الحلقة الثامنة بعد الثلاثمائة:
(1) موقف الإمام الإبراهيمي (1/498).
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: