الخميس

1446-11-03

|

2025-5-1

(مؤتمر القاهرة: الاجتماع الثاني للمجلس الوطني للثورة الجزائرية 1957م)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 329

بقلم: د.علي محمد الصلابي

صفر ١٤٤٤ه/ سبتمبر 2022م

هناك إجماع يكاد يكون شاملاً وكاملاً لدى شريحة كبيرة من المؤرخين والباحثين المتخصصين في تاريخ الثورة، أن مؤتمر القاهرة المنعقد في أوت 1957م جاء ليصحح الأخطاء الاستراتيجية والمنهجية التي وقع فيها اجتماع الصومام المنعقد في 26 أوت عام 1956م، خاصة وأنه أحدث فجوة كبيرة في صفوف زعماء الثورة، كاد من خلالها أن يؤثر على الثورة التحريرية بقراراته التي خرجت عن مبادأئ أول نوفمبر 1954م، وبأمر من عراب الصومام المرحوم عبان رمضان، وقد اعترف هو نفسه بإخفاء لقاء الصومام بدليل قبوله المشاركة في مؤتمر القاهرة.

لقد كانت هناك ظروف عديدة مهدت لانعقاد مؤتمر القاهرة يمكن حصر أهمها فيما يلي:

ـ النتائج التي انبثقت عن مؤتمر الصومام وبالتحديد قضية الأولويات، أو مبدأ التفضيل بين زعماء الثورة وبالتحديد أولية الداخل عن الخارج، والسياسي عن العسكري، وكذلك محاولة إفراغ الثورة من بعدها العربي الإسلامي الذي لم يرد تماماً في محتوى الصومام.

ـ قضية اختطاف الطائرة المغربية التي كان على متنها زعماء الثورة في 22 أكتوبر 1956م، وهم السادة أحمد بن بلة ومحمد بوضياف ومحمد خيضر وحسين ايت أحمد.

ـ العمليات الفدائية المكثفة التي كان يقوم بها المجاهدون الجزائريون داخل العاصمة الجزائر، وكان من أهمها وأبرزها معركة الجزائر الكبرى ما بين عامي 1956م، 1957م.

ـ سياسة فرنسا التعسفية ضد الشعب الجزائري، وبالتحديد السياسة التي انتهجها رئيس الحكومة الفرنسي غي مولي ما بين فبراير 1956م وجوان 1957م، والقائمة على الحديد والنار ضد الثورة الجزائرية، بالإضافة إلى سياسة خليفته الرئيس بورجي مونوري الذي سد كل المنافذ المتعلقة بمحاولة إيجاد حلول مع جبهة التحرير الوطني الجزائرية من خلال مبدأ المفاوضات، وعمد إلى دعم إقامة الأسلاك الشائكة المكهربة لعزل الثورة الجزائرية عن محيطها العربي، خاصة وأنه كان يمثل اليمين المتطرف في فرنسا.

ـ بروز مؤشرات الصراع الداخلي بين عبان رمضان وجماعته، الذين حاولوا السيطرة على زعامة الثورة مستغلين الظروف الصعبة التي كانت عليها الثورة الجزائرية في هذه المرحلة، خاصة وأنها فقدت العديد من زعمائها الأوئل من مفجري ثورة أول نوفمبر الذين استشهدوا في ساحة المعارك من أمثال العربي بن مهدي، ومصطفى بن بلعيد، وديدوش مراد، وزيغود يوسف، ومنهم من سجن منذ اندلاعها، والمجموعة الأخرى التي تعتبر نفسها ممثلة للرعيل الأول من مفجري الثورة ومنهم عبد الحفيظ بوصوف والأخضر بن طوبال وكريم بلقاسم ومحمود الشريف.

وابتداءً من 27 أوت 1957م بدأت أشغال مؤتمر القاهرة، وقد تركزت قراراته فيما يلي:

ـ تفويض لجنة التنسيق والتنفيذ لتولي اختصاصات القيادة العليا للثورة الجزائرية، بحيث تكون تعليماتها لها صفة الإلزامية لكل الهيئات بالنسبة لجبهة وجيش التحرير الوطنيين.

ـ إقرار مبدأ رفض المفاوضات مع الحكومة الفرنسية ما لم تعترف هذه الأخيرة باستقلال الجزائر وسيادته الوطنية.

ـ التأكيد على عروبة الجزائر وسيادته.

ـ لجنة التنسيق والتنفيذ مقيدة بالعودة إلى المؤتمر الوطني إذا ما تعلق الأمر بقبول مبدئي للمفاوضات مع الحكومة الفرنسية أو حول أية قضية تخص تقرير مصير الشعب الجزائري.

ـ تقدم لجنة التنسيق والتنفيذ تقريرها السنوي حصيلة نشاطها في الداخل والخارج في المؤتمر القادم عام 1958م.

ـ إعطاء الحرية لأعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ في العمل بين العواصم العربية، خاصة بين القاهرة وطرابلس وتونس ومراكش، توسيع النشاط الدبلوماسي للجنة التنسيق والتنفيذ على الصعيد الدولي، قصد كسب المزيد من الدعم والتأييد الدوليين للقضية الجزائرية في المحافل الدولية خاصة بالنسبة للهيئات الدولية.

ـ إلغاء كل ما جاء في مؤتمر الصومام يمس بمبادأئ أول نوفمبر بما في ذلك قضية الأولويات.

ـ توسيع المجلس الوطني للثورة من أربعة وثلاثين عضواً إلى أربعة وخمسين عضواً.

ـ توسيع أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ من خمسة أعضاء إلى أربع عشر عضواً.

ـ اعتبار المجلس هو الممثل لجميع التيارات السياسية التي انضمت للثورة التحريرية.

ـ إعطاء صلاحيات مطلقة للمجلس على حساب لجنة التنسيق والتنفيذ التي حددت صلاحياتها نوعاً ما.

ـ اعتبار زعماء الثورة المسجونين في فرنسا أعضاء شرفيين في لجنة التنسيق والتنفيذ.

انطلاقاً من هذه المعطيات التاريخية، فإن مؤتمر القاهرة كان وراء عودة بعض القادة الأوائل لأول نوفمبر، كما استطاع أن يقلص إلى حد كبير نفوذ عبان رمضان وجماعته سياسياً وعسكرياً، بدليل أنه كلف فقط بالإعلام داخل لجنة التنسيق والتنفيذ.

وانتهت العملية بتوزيع المهام الرئيسية بين هؤلاء القادة الذين ينتمون إلى الرعيل الأول للثورة، بحيث تشكلت لجنة جديدة ضمت السادة:

ـ كريم بلقاسم، مسؤول الشؤون الحربية.

ـ عبد الحفيظ بوصوف، مسؤول التموين بالسلاح وجهاز الاستعلامات.

ـ محمود الشريف، منصب الشؤون المالية.

ـ الأخضر بن طوبال، منصب التنظيم الإداري والشؤون الداخلية.

ـ فرحات عباس، مكلف بالإعلام والصحافة.

ـ عبد الحميد مهري، مكلف بوزارة الشؤون الاجتماعية.

بالإضافة إلى تأسيس لجنة التنظيم العسكري التي سبقت الإشارة إليها في شهر أفريل من عام 1958م، والتي ضمت كلاًّ من السادة: هواري بومدين، والسعيدي محمدي، وعمار بن عودة، ولعموري، وعمار بوقلاز.

لقد وقفت مصر ضد كل المحاولات التدميرية للثورة الجزائرية.(1)

 

مراجع الحلقة التاسعة والعشرون بعد الثلاثمائة:

(1)مريم صغير، مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية ص 200.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022