(وزارة القوات المسلحة في الحكومة الجزائرية المؤقتة)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 358
بقلم: د.علي محمد الصلابي
ربيع الآخر 1444 ه/ نوفبر 2022م
كانت وزارة القوات المسلحة من أهم وزارات الحكومة المؤقتة عند إنشائها في سبتمبر 1958م، وقد تولى بلقاسم الإشراف عليها بسبب حرصه الشديد على البقاء في الموقع الذي كان يشغله في صفوف لجنة التنسيق والتنفيذ الثانية، واستمر لمدة تقارب العام في مهام الإشراف على تنظيم جيش الحدود، وفي الإشراف على جيش التحرير في الداخل، كما شكلت تلك التولية حلاً وسطاً قبل المنافسين الرئيسيين له في قيادة الثورة انذاك بوصوف وبن طوبال، اللذين سعيا إلى قطع الطريق عليه عندما أظهر طموحه لرئاسة الحكومة المؤقتة.
قام كريم بلقاسم بتعيين نفس العناصر التي كانت تحيط به من قبل في ديوان وزارته، ثم شرع في انتقاء مجموعة من الضباط الفارين من الجيش الفرنسي بغرض الاستعانة بهم في الإشراف على المعسكرات والمدارس العسكرية ودوائر التسليح والتموين المنتشرة في عدد من المدن التونسية والمغربية.
وقدَّر بعض الباحثين عدد الإطارات الذين كانوا يشرفون على إدارة هذه الوزارة «200» إطار، وكان أداء هذه الوزارة موضع نقد شديد من طرف أعضاء الحكومة المؤقتة، الذين حملوا كريم بلقاسم مسؤولية الفشل في تنظيم جيش الحدود، وفي مواجهة السدود المكهربة، وأيضاً في تراجع وتيرة قوافل السلاح نحو الولايات، ونجحت الضغوط التي مارسها كل من بوصوف وبن طوبال، في إرغام كريم بلقاسم على التخلي عن عدد من أبرز مساعديه وعلى رأسهم الرائد إيدير، بسبب تعرض هذا الأخير لحملة واسعة من الانتقادات من طرف قدماء المقاتلين، وقد مهدت تلك الضغوط لإلغاء وزارة القوات المسلحة في اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية في ديسمبر 1959م جانفي 1960م، وإنشاء هيئتين بديلتين له هما:
ـ اللجنة الوزارية الحربية.
ـ وهيئة الأركان العامة.
وعلى إثر إلغاء وزارة القوات المسلحة أسندت إلى كريم بلقاسم مهمة الإشراف على وزارة الخارجية في التشكيلة الثانية للحكومة المؤقتة التي أعلن عنها في جانفي 1960م، وخلف بذلك الدكتور محمد الأمين دباغين الذي غادرها في منتصف عام 1959م.
إن كريم بلقاسم الذي كان يتمتع بسمعة ثورية، نتيجة لتجربته الطويلة كقائد لمعقل منطقة القبائل قبل انطلاقة الثورة، وحتى خلال سنواتها الثلاث الأولى، فشل في القيام بمهام كانت تبدو مناسبة لكفاءته في المجال العسكري، وعندما تولى الإشراف على وزارة القوات، لكنه حقق نجاحاً لم يتوقعه الكثير من رفاقه على رأس وزارة الشؤون الخارجية، لعدم امتلاكه للمؤهلات الكافية لقيادة دبلوماسية الثورة، نظراً لطبيعة ومستوى تكوينه العام.
لم يهمل كريم بلقاسم الحاشية التي كانت تحيط به في وزارته السابقة، فقام بإرسال عدد منهم على رأس بعثات في مهمات دبلوماسية، إذ أرسل أو عمران على رأس بعثة إلى تركيا، والرائد إيدير إلى باكستان، والرائد قاسي إلى تونس، وعمران صديق إلى غينيا، وبو علام أو صديق إلى مالي، ولجأ كريم بلقاسم إلى الاعتماد على مجموعة من الإطارات السياسية والعناصر المثقفة لمساعدته في الإشراف على وزارة الخارجية، ومن أبرز هؤلاء كان سعد دحلب الذي خلفه على رأسها بعد أوت 1961م، إلى جانب عبد الملك بن حبيلس «محامي» ومبروك بلوحسين «محامي»، محمد حربي «طالب في التاريخ»، وعبد العزيز بن ميلود، وتوفيق بوعتورة، وعزيز حسن، وعبد القادر بن قاسي وغيرهم، وقد اشتغل معظم هؤلاء من قبل في لجان الصحافة والإعلام، وفي صفوف فيدرالية فرنسا، وفي دواوين الوزارات الأخرى للحكومة المؤقتة (1)
مراجع الحلقة الثامنة والخمسون بعد الثلاثمائة:
(1) محمد بجاوي، الولايات التاريخية لثورة التحرير، ص 328.