من كتاب كفاح الشعب الجزائري بعنوان
التنظيم الإداري للجزائر في العهد العثماني
الحلقة: الحادية والعشرون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
صفر 1442 ه/ أكتوبر 2020
عندما يحاول الإنسان دراسة التنظيم الإداري الذي كان سائداً في الجزائر في العهد التركي ؛ فإنه يصطدم بحقيقة واضحة للعيان، وهي أن تغير الحكام وتغير تسمياتهم واختلاف تصرفاتهم وطرق حكمهم تدفع بالكاتب إلى إبداء اراء عامة يغلب عليها طابع الشمولية في بعض الأحيان ولهذا فإن الأفكار الواردة في هذا التحليل تعبر عن النظام العام الذي تميزت به هذه الفترة الغامضة من تاريخ الجزائر.
وبصفة إجمالية فإن الدولة الجزائرية في العهد العثماني كانت عبارة عن جمهورية عسكرية تربطها بتركيا علاقات دينية واتفاقات شكلية، وقد اعتبر حكام الجزائر أنفسهم حلفاء للسلطان العثماني، ويتعاملون مع قادة الدول الأوروبية بصفة مباشرة، ويبرمون الاتفاقيات التجارية معهم، ويتفاوضون مع جميع الدول انطلاقاً من مبدأ الدفاع عن مصالح الجزائر وليس مصلحة تركيا.
وتظهر هذه السياسة الجزائرية بوضوح في تجاهل الدول الأوروبية للوجود التركي في الجزائر وتعاملهم مباشرة مع حكام الجزائر، وفي نهاية القرن التاسع عشر أقدمت فرنسا على إقامة علاقات دبلوماسية بينها وبين الجزائر، مماثلة لتلك العلاقات الموجودة بينها وبين المغرب الأقصى، الذي لم يكن خاضعاً للسيادة العثمانية بحيث أطلقت على ممثلها السياسي بكل من المغرب والجزائر لقب: مكلف بالأعمال.
وباختصار فإن السلطة المركزية في الجزائر العاصمة هي التي كانت توجه دفة الأمور السياسية في البلاد. وحسب التقسيم الإداري الموجود في عهد الدايات، فإن الجزائر كانت مقسمة إلى أربع مقاطعات إدارية تتمثل في الآتي:
أ ـ دار السلطان:
وهي عبارة عن مقاطعة إدارية توجد في الجزائر العاصمة ونواحيها، ويوجد بها مقر نائب السلطان العثماني أو الداي، وتمتد هذه المقاطعة من مدينة دلس إلى مدينة شرشال غرباً ويحدها من الجنوب بايليك التيطري.
ب ـ بايليك الشرق:
ويعتبر من أكبر الولايات الموجودة في الجزائر، حيث إنه يمتد من الحدود التونسية شرقاً حتى بلاد القبائل الكبرى غرباً، ويحده من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب الصحراء، وكانت مدينة قسنطينة عاصمة هذه المقاطعة.
ج ـ بايليك الغرب:
الذي كانت عاصمته مازونا حتى سنة (1710م) ثم مدينة معسكر، وعندما استرجعت مدينة وهران من الإسبان في سنة (1792م) صارت هي عاصمة هذه المقاطعة، وكانت هذه المقاطعة تمتد من الحدود المغربية غرباً إلى ولاية التيطري شرقاً، ومن البحر شمالاً إلى الصحراء جنوباً، وتأتي في الدرجة الثانية من ناحية المساحة أي بعد ولاية قسنطينة.
د ـ بايليك التيطري:
كانت عاصمته مدينة المدية، وهو أصغر ولايات القطر، يحده من الشمال سهل المتيجة ومن الجنوب الصحراء.