الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

(دخول القوات الموالية للمكتب السياسي إلى العاصمة الجزائرية)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 392

بقلم: د. علي محمد الصلابي

شعبان 1444ه/ فبراير 2023م

 

عُقِدَ اجتماع في بوسعادة يوم 27 أوت 1962م فأخذ القرار لدخول العاصمة. حضر الاجتماع أحمد بن بلة ومحمد خيضر وسعيد محمدي والحاج محمد بن عَلا وأعضاء هيئة الأركان العامة هواري بومدين (محمد بوخرّوبة) وعلي منجلي وأحمد قايد والشريف بلقاسم عضو قيادة الجيش بالغرب، كما حضر الاجتماع ممثلو الولايات الوفية أي طاهر زبيريّ والعربيّ الميليّ (العربي بَرْجَم) وبوحجر بن خدّو (سي عثمان) ومحمد شعباني.

إن البلاغ الصادر من الاجتماع يندد باحتلال العاصمة من طرف وحدات تابعة للولاية الرابعة (ولو أنها موجودة فيها منذ 1960م)، ويعلن تأخير الانتخابات التشريعية إلى تاريخ 20 سبتمبر 1962م.

ـ يوم 30 أوت 1962م تَلَقَّت وحدات من الولاية الأولى والولاية الثانية والولاية الخامسة والولاية السادسة أمراّ بالتقدم نحو العاصمة. وقد سارت الوحدات على ثلاثة محاور: المسيلة وسيدي عيسى وسور الغزلان وتابلاط والأربعاء ثم الجزائر (تحت قيادة العقيد طاهر زبيريّ)، ومحور الجلفة وعين وسارة وقصر البخاري ولمدية والبُليدة، ثم العاصمة (تحت قيادة العقيد محمد شعبانيّ)، ومحور تلمسان ووهران والشَّلف ثم العاصمة (تحت قيادة بوحجر بن حَدّو).

اتصل الرائدان من الولاية الرابعة لخضر بورقعة ومحمد بوسماحة بالعقيد محمد شعبانيّ في المحور الثاني لتجنُّب الاشتباك، لكنَّ المحادثات لم تنجح، شرحا له الموقف الحياديّ للولاية الرابعة لكنه صمم على تطبيق أمر السير نحو العاصمة.

وقعت اشتباكات بين الوحدات في عدد من الأماكن: عين وسارة وسيدي عيسى (حيث تعاونت وحدات من الولاية الرابعة والولاية الثالثة لوقف مسيرة الوحدات الأخرى)، وسور الغزلان والشَّلف حيث دامت الاشتباكات 7 ايام (سبتمبر 1962م).

ولقد تظاهر سكان المناطق لوقف الزحف، وفي بعض الأحيان تمدَّدوا على الطريق لمنع الاشتباكات.

ولقد عبر المجاهدون عن غضبهم أمام كل هذه الأسلحة الثقيلة التي كان من المفروض أن تُوجَّه إلى القوات الاستعمارية في أثناء ثورة التحرير.

يكتب بن يوسف بن خدّة أن عدد القتلى من الجانبين بلغ الألف، وذلك على أساس معلومات بثتها الصُحُف انذاك.

ـ لجعل حدّ لهذه المواجهات قَبِلَ العقيد سي محند أولحاج (مُقران أكلي) قائد الولاية الثالثة والعقيد سي حسن (يوسف خطيب) لقاء مع أحمد بن بلة، فاتفق الجميع على فتح الطريق أمام وحدات الجيش، وعلى قبول مبدأ تحوير جيش التحرير الوطني، وعلى المشاركة في تحضير قوائم المرشحين للانتخابات التشريعية. أما بخصوص المواقف السياسية، أي قضية اجتماع المجلس الوطني للثورة الجزائرية وعقد مؤتمر جبهة التحرير الوطني ؛ فقد احتفظ كل واحد منهم بمواقفه(1).

ـ بعد هذا الاتفاق تسارعت الأحداث: استقر أحمد بن بلة يوم 4 سبتمبر 1962م بالعاصمة وهو مرفوق بالمكتب السياسي الذي نظَّم أموره في فيلا Joly قبالة قصر الشعب الحالي، وقد كان أياماً من قبل وزَّع الصلاحيات بين الأعضاء.

فتكفل محمد خيضر بأمانة الحزب والإعلام والمالية، وتكفل أحمد بن بلة بالتنسيق مع الهيئة التنفيذية، وتكفل محمد بوضياف بالشؤون الخارجية لكنه استقال من المكتب السياسي، وتكفل سعيد محمدي بالتربية الوطنية، وتكفل محمد بن علا بالمسائل العسكرية.

ـ بواسطة طائرة عمودية تنقل أحمد بن بلة ويوسف خطيب إلى أماكن الاشتباكات يوم 6 سبتمبر 1962م وأوقفا التقاتل بين الإخوة.

فهكذا استطاعت وحدات هيئة أركان جيش التحرير الوطني أن تدخل العاصمة يوم 9 سبتمبر 1962م وأن تستقر في الثكن المتروكة من طرف الجيش الفرنسي، مباشرة بعد ذلك أُدمِجَت وحدات الولاية الثانية والثالثة والرابعة في الجيش الذي سُمِّيَ منذ بداية مسيرته بالجيش الوطني الشعبي ( ANP ) (2).

 

مراجع الحلقة الثانية والتسعون بعد الثلاثمائة:

(1) الثورة الجزائرية، بوعلام ص 608.

(2) المصدر نفسه ص 609.

 

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

 

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022