(بيان 16 أفريل 1964م للشيخ البشير الإبراهيمي)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 394
بقلم: د.علي محمد الصلابي
شعبان 1444ه/ فبراير 2023م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ
كتب لي أن أعيش حتى استقلال الجزائر، ويومئذ كنت أستطيع أن أواجه المنية مرتاح الضمير، إذ تراءى لي أني سلمت مشعل الجهاد في سبيل الدفاع عن الإسلام الحق، والنهوض باللغة العربية ـ ذلك الجهاد الذي كنت أعيش من أجله ـ إلى الذين أخذوا زمام الحكم في الوطن، ولذلك قررت أن التزم الصمت.
غير أني أشعر أمام خطورة الساعة، وفي هذا اليوم الذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لوفاة الشيخ عبد الحميد بن باديس ـ رحمه الله ـ أنه يجب عليّ أن أقطع ذلك الصمت، إن وطننا يتدحرج نحو حرب أهلية طاحنة ويتخبط في أزمة روحية لا نظير لها، ويواجه مشاكل اقتصادية عسيرة الحل.
ولكن المسؤولين ـ فيما يبدو ـ لا يدركون أن شعبنا يطمح قبل كل شيء إلى الوحدة والسلام والرفاهية، وأن الأسس النظرية التي يقيمون عليها أعمالهم يجب أن تبعث من صميم جذورنا العربية الإسلامية، لا من مذاهب أجنبية.
لقد ان للمسؤولين أن يضربوا المثل في النزاهة، وألا يقيموا وزناً إلا للتضحية والكفاءة، وأن تكون المصلحة العامة هي أساس الاعتبار عندهم، وقد ان أن يرجع لكلمة الأخوة ـ التي ابتذلت ـ معناها الحق، وأن نعود إلى الشورى التي حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ان أن يحتشد أبناء الجزائر كي يشيدوا جميعاً «مدينة» تسودها العدالة والحرية، «مدينة» تقوم على تقوى من الله ورضوان(1).
وزار الرئيس أحمد بن بلة الشيخ الإبراهيمي في بيته وقبل رأسه وقال: أعترف أنني تأخرت في زيارتك، على أنك أنت الشيخ الذي بينت لنا الطريق إلى الإسلام والعروبة، وهو طريق سلكناه ولا زلنا نسلكه.
وردَّ الشيخ: إذا كنت حقاً على طريق الإسلام والعروبة سأظل إلى جانبك، لكن إذا حدت عنهما، سأكون لك بالمرصاد(2).
مراجع الحلقة الرابعة والتسعون بعد الثلاثمائة:
(1) اثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي (5/317).
(2) مذكرات جزائري، أحمد طالب الإبراهيمي (1/188).