الأربعاء

1446-12-22

|

2025-6-18

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

(سياسة عمر بن عبد العزيز المالية في الإيرادات)

الحلقة: 180

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1442 ه/ مارس 2021

إن السياسة المالية بإيراداتها ونفقاتها تعتبر أداة هامة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، لذلك بدأ عمر سياسته المالية بزيادة الإنفاق على عامة الشعب، فأنفق في رد المظالم حتى أنفذ بيت مال العراق، وجلب إليه من الشام، وأنفق على المشاريع الزراعية، ومشاريع البنى الأساسية، كما أنفق على الرعاية الاجتماعية لجميع طبقات الشعب، وفي جانب الإيرادات سعى إلى إلغاء الضرائب الظالمة، فرفع الجزية عمن أسلم، وألغى الضرائب الإضافية التي كانت تؤخذ من المزارعين، وألغى المكوس والقيود، كما حافظ على حقوق بيت المال المسلوبة، فأعاد إليه القطائع، والمظالم، وأوقف امتيازات الأمراء والموظفين، وبالغ في الاقتصاد في الإنفاق الإداري والحربي، كل ذلك أدى إلى إطلاق الطاقات، فنمت الزراعة والتجارة، وجنى ذلك بزيادة ونمو الإيرادات، فزادت إيرادات الزكاة والخراج والعشور، وفاضت ميزانية الدولة، فوجّه عمر الفائض لزيادة الإنفاق العام لتحقيق الأهداف الاقتصادية.
ونلاحظ في التاريخ كلما استقام أمر الدولة وسارت على نهج الشريعة الإسلامية الغرّاء فاض ميزانها المالي، ولم يشعر أفرادها بعسف ولا إرهاق، ولم تهمل مصلحة من مصالحها، وكلما اعوج أمر الدولة، وحادت عن سبيل الشريعة، اختل التوازن المالي، فميزانية الدولة مرآة عدلها وجورها، ونظامها وفوضاها.
هذا وقد تكونت إيرادات بيت المال زمن عمر بن عبد العزيز من: الزكاة والجزية والخراج والعشور والخمس والفيء.

1 ـ الزكاة:

اهتم عمر بالزكاة وحرص عليها لأنها حق فرضه الله للفقراء والمساكين والمنقطعين، والمستعبدين، ولا يجوز التهاون فيه، واهتمّ بتوزيعها على مستحقيها، فأمر ولاته بالبحث عنهم وإعطائهم حقهم، وفي حالة عدم وجود فقراء أو مساكين أو محتاجين أمر عمر بشراء رقاب المستعبدين وإعتاقهم من مال الزكاة. وعزم عمر على اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة، وكان الولاة قبله قد تهاونوا فيها، فأخذوها من غير حقها، وصرفوها في غير مصارفها.
ومن مظاهر اتباعه للسنة فيها طلبه لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقات، ولكتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأمره بأن تنسخ هذه الكتب فنسخت له، وكانت تشتمل على صدقة الإبل والبقر والغنم، والذهب، والورق، والتمر، والحب، والزبيب، وبيّنت الأنصبة لكل هذه الأصناف.
واتبع عمر السنة في مصارف الزكاة، فاستشهد بقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[التوبة: 60]، ثم أمر أن توضع الصدقات كما أمر الله تعالى في كتابه، كما اتّبع عمر السنة في جباية الزكاة؛ فعين عمالاً ثقاة مؤتمنين وأمرهم بجبايتها دون ظلم أو تعدٍّ وأمرهم بكتابة براءة إلى الحول لدافعها. وأمر عمر بأخذ الزكاة من جميع الأموال التي تجب فيها، فأخذت من عطاء العمال ومن المظالم إذا رُدّت لأصحابها، ومن الأعطية إذا أخرجت لأهلها.
وأكد عمر على أحقية كل قوم بزكاتهم إذا لم يستغنوا، وعندما أحضر العمال الزكاة إلى عمر أمرهم بردّها وتوزيعها في البلاد التي جمعت منها.
وكان لهذه الإصلاحات الاقتصادية في جباية الزكاة أثر على زيادتها، ولقد ساهمت سياسته الاقتصادية إلى زيادة تحصيل الزكاة، فتوفيره لأجواء الأمن والطمأنينة، واهتمامه بإقامة المشاريع الأساسية للزراعة والتجارة واتّباعه لسياسة الحرية الاقتصادية المقيّدة، وإلغاؤه للضرائب الظالمة، أدّت جميعاً إلى ازدهار التجارة والزراعة وإلى زيادة حصيلة الزكاة.
ولقد كان عمر من الموسعين لإيتاء الزكاة، برز هذا من خلال فقهه في زكاة الثروة الزراعية، وزكاة الإبل العامة، وزكاة السمك، وزكاة العسل، وهذا الفقه من شأنه أن يزيد الأموال الخاضعة للزكاة، مما يؤثر على زيادة جبايتها.
وأما زيادة الدعوة زمن عمر، ودخول أهل الذمة في الإسلام أفواجاً فالراجح أنه رفع من حصيلة الزكاة، لأن هؤلاء المسلمين الجدد فيهم الأغنياء وفيهم الفقراء، وسيدفع الأغنياء حقاً مفروضاً عليهم وهو الزكاة، وأما سيرة عمر وتقواه فقد أثرت على دفع الزكاة للدولة مباشرة لزيادة الثقة بين الحاكم والمحكوم، وهذا واضح من تدافع الناس لأداء الزكاة عندما سمعوا بخلافة عمر، وهذا يؤدي إلى زيادة حصيلة أموال الزكاة وزيادة اثارها الاقتصادية عند إنفاقها في مصارفها.
وتؤكد الروايات التاريخية أن الزكاة كانت فائضة عن حاجات الناس في ذلك الزمن، فكان الرجل يأتي بزكاته، فلا يجد من يأخذها، ومن أسباب هذا الفائض اندفاع أفراد المجتمع للعمل والإنتاج، فكثر عدد المؤدِّين للزكاة، وانخفاض عدد القابضين لها.

2 ـ الجزية:

والجزية في الاصطلاح: هي الوظيفة(الضريبة) المأخوذة من الكافر لإقامته بدار الإسلام في كل عام، والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع، وقد قام عمر بن عبد العزيز باتباع السنة في إيراد الجزية، فقد أسقطها عمّن أسلم، لأن الجزية فرضت على الكافرين وتسقط بالإسلام، ومع ذلك فقد استمر بعض خلفاء بني أمية في أخذ الجزية ممن أسلم، فأخذها الحجّاج لظنِّه أنهم دخلوا الإسلام هرباً من الجزية، ولقد أدى ذلك إلى زيادة النقمة على الحجّاج وعلى الأمويين، وعندما تولى عمر الخلافة سارع إلى إلغاء الجزية عن المسلمين، وتشدّد في ذلك، وكتب إلى العمال كتاباً جاء فيه: «من شهد شهادتنا واستقبل قبلتنا واختتن فلا تأخذوا منه الجزية».
ولما سمع أهل الذمة عن عدالة عمر وسيرته سارعوا للدخول في الإسلام، فشكا عامله ذلك، لأنه أدى إلى نقصان الجزية، فأجابه عمر: أما بعد، فإن الله قد بعث محمداً داعياً ولم يبعثه جابياً.
ولأن عمر اعتمد في سياسته على ترسيخ قيم الحق والعدل، رفع الظلم عن أهل الذمة، ورفق بمزارعيهم، وفرض الجزية عليهم حسب المقدرة المالية للفرد، فجعلها على ثلاث طبقات: للغني وللمتوسط وللفقير، وجعل صاحب الأرض يعطي جزيته من أرضه والصانع يخرجها من كسبه والتاجر من تجارته، وفرض الجزية حسب طاقة البلاد المالية، فجعلها على أهل الشام أكثر منها على أهل اليمن بسبب غناهم ويسارهم، ورفع الجزية عن الفقراء الذين لا يستطيعون دفعها، وأجرى عليهم رزقاً من بيت المال، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وخفَّضَ عمر الجزية عن أهل نجران حيث أمر بإحصائهم، فتبين له أن عددهم نقص إلى العشر، وجزيتهم بقيت كما هي، فأخذ منهم مئتي حلة بدلاً من ألفين، وأسقط جزية من مات أو أسلم.
وقد كانت للإصلاحات في جباية الجزية اثار مالية لصالح بيت المال، فإسقاط الجزية عمن أسلم أدّى إلى زيادة الثقة بين الحاكم والمحكوم، والشعور بالعدل والإنصاف، وبالتالي أدّى إلى إيقاف القلاقل والفتن التي كلفت الدولة نفقات طائلة، كما أن إسلام كثير من أهل الذمة جعلهم يدفعون الزكاة بدل الجزية، والزكاة مقدارها أكبر، هذا مع استمرار دفع الخراج على الأرض، أما انتشار أجواء الأمن والعدل فقد زاد الإنتاج؛ حيث اندفع الناس للإنتاج والتنمية.

3 ـ الخراج:

هو ما تأخذه الدولة من ضرائب على الأرض المفتوحة عنوة، أو الأرض التي صالح أهلها عليها. لقد ارتفع إيراد الخراج في زمن عمر بن عبد العزيز وبلغ مئة وأربعة وعشرين مليون درهم.
وكانت هذه الزيادة في إيراد الخراج نتيجة لسياسته الإصلاحية؛ فقد منع بيع الأرض الخراجية، فحافظ على المصدر الرئيسي للإنتاج، كما اعتنى بالمزارعين، ورفع عنهم الضرائب والمظالم التي كانت تعوق إنتاجهم، واتبع سياسة الإصلاح والإعمار وإحياء الأرض الموات، كما اهتم ببناء مشاريع البنية الأساسية للقطاع الزراعي؛ فبنى الطرق والقنوات، فمشاريع الطرق سهلت على المزارعين تسويق إنتاجهم، ومشاريع القنوات والآبار سهلت عليهم سقي محاصيلهم بكلفة أقل، كل هذه الإصلاحات الخراجية أثمرت في النهاية وأدت إلى ارتفاع الخراج زمن عمر، فقد بلغ خراج العراق في عهده مئة وأربعة وعشرين مليون درهم، وهذا المقدار أكبر مما جبي في العهود السابقة، فقد بلغ خراج العراق زمن الحجاج أربعين مليون درهم، وفي عهد عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ مئة مليون درهم.
أما خراج خراسان زمن عمر بن عبد العزيز فقد كان فائضاً عن حاجات الدولة، وبلغ الخراج زمن عمر أقصى قدر ممكن أن يبلغه في الأحوال العادية. وهذا الارتفاع في مقدار الخراج يشير إلى قوة الدولة المالية، لأن خراج العراق كان يشكل أكبر نصيب من إيراداتها، مما ساعد على تحقيق الأهداف الاقتصادية من دعم مشاريع البنية التحتية والمشاريع الإنتاجية والإنفاق على الطبقات الفقيرة والعاجزة، ذلك لأن إيراد الخراج يتسم بالمرونة من حيث مصارفه، بعكس الزكاة فهي محددة المصارف.

4 ـ العشور:

العشور في الاصطلاح: ما يؤخذ على تجارة أهل الحرب وأهل الذمة عندما يجتازون بها حدود الدولة الإسلامية، فتؤخذ العشور من تجارة الحربي العُشر، ومن تجارة الذمي نصف العشر، ولا تؤخذ في السنة لنفس المال إلا مرة واحدة، ونصابها عشرون ديناراً للذمي، وعشرة للحربي.
وقد اهتم عمر بن عبد العزيز بإيراد العشور، فوضح مبادئها للعمال، وأمر بكتابة كتاب لدافعها لإعفائه منها للحول القادم، كما منع قبض العشور، والتي كانت تفرض على الناس بغير حق، وقد نشطت التجارة في عهده، وتوافرت موارد جديدة للدولة، واستطاع أن يوظفها للإنفاق العام، وكانت الإجراءات التي اتخذها عمر لتنشيط الحركة التجارية كالآتي:
أ ـ إلغاء الضرائب الإضافية التي كانت مفروضة على القطاع الزراعي، وقد انعكس هذا إيجاباً على القطاع التجاري في صورة انخفاض ملحوظ في أسعار السلع الزراعية، فزاد في الطلب عليها، وأحدث رواجاً في تجارتها، وفي ظل اقتصاد قوامه الزراعة فإن زيادة عرض السلع الزراعية وانخفاض أثمانها على النحو الذي واكب السياسة الرشيدة لعمر بن عبد العزيز أحدث رواجاً لا في التجارة فحسب، ولكن في بقية قطاعات الاقتصاد الإسلامي.
ب ـ إلغاء الضرائب على القطاع التجاري، والاقتصار على العشور، وكان لهذا تأثير إيجابي على قطاع التجارة، وقد أدى إلى تشجيع مزاولة التجارة، وزاد من أرباح التجارة، فزاد معها حجم المبادلات التجارية.
جـ إلغاء أسلوب العنف في تحصيل مستحقات الدولة الماليةعلى التجار وغيرهم، وهذا أيضاً من عوامل تشجيع التجارة وتنميتها.
د ـ عمل استراحاتعلى طريق التجارات مع بلاد الشرق، ومطالبة الولاة على البلاد التي توجد بها هذه الاستراحات بأن يضيفوا من مر بهم من المسلمين المسافرينيوماً وليلة، وأن يتعاهدوا دوابهم على حساب الدولة، ومضاعفة هذه المدة لمن يشكو منهم علة، وبالنسبة لمن مر بهذه الاستراحات وكان منقطعاً أو سرقت تجارته أو تلفت لأي سبب، فكان يعطى من المال ما يكفيه للوصول إلى بلده، ولا يخفى ما كان لهذه التسهيلات والضمانات من عوامل تشجيع للتجار وللتبادل التجاري.
هـ منع العطاء عن التجار، حتى تكون التجارة مصدر رزقهم الوحيد فيهتموا بها أكثر وينشطوا فيها، لا سيما وأن التجارة كانت في ذلك الوقت متعبة من حيث السفر، والترحال، لعدم توفر وسائل المواصلات المريحة التي نشاهدها اليوم.
و ـ قضاء ديون كل من أدان في غير سفه ولا سرف، ويدخل ضمنهم التجار إن لم يكونوا جلهم، وقد أدى هذا القرار إلى إقالة عثرات التجار الذين أفلسوا، ومكنهم من العودة إلى مزاولة التجارة، وخاصة تلك الفئة من التجار الذين بدأوا تجارتهم عن طريق اقتراض رأس المال المطلوب.
ز ـ الحرص على ضبط ومعايرة وتوحيد المكاييل والموازين في كافة أنحاء الدولة، وجعل ذلك من مواد القانون الأساسي للدولة.
ح ـ منع الولاة والأمراء من الاشتغال بالتجارة، حتى لا يكون في دخولهم السوق إفساد للمنافسة الشريفة بين التجار، أو تأثير على الأسعار لصالحهم، وهي محاولة من عمر بن عبد العزيز بالبعد بالأسواق عن أي مؤثرات غير طبيعية تؤثر في تلقائية تحديد السعر.
ط ـ منع الاحتكار، ومن ذلك: إعادته دكاكين بحمص كانت في يد مجموعة من أهل السوق، وكان ابن الوليد بن عبد الملك قد استولى عليها، وحولها إلى ملكية خاصة له، فنزعها وأعادها إلى أصحابها، وبهذا الموقف ووجودهذه الإجراءات الإصلاحية ساهمت في ازدهار الحركة التجارية في عهد عمر بن عبد العزيز، وبذلك زادت حصيلة إيرادات العشور، وتوافرت موارد جديدة للدولة استطاع عمر أن ينفقها على الصالح العام.

5 ـ خمس الغنائم والفيء:

فالغنيمة في الاصطلاح: ما استولي عليه من أموال الكفار المحاربين عنوة وقهراً حين القتال، والفيء في الاصطلاح: كل مال وصل من المشركين من غير قتال ولا بإيجاف خيل ولا ركاب.
فعندما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة توجه لإصلاح الأوضاع الداخلية للدولة، لذلك لم تكثر الفتوحات في زمنه؛ حيث استعاض عنها بالدعوة والقدوة الحسنة، فقد بعث بكتب للملوك والشعوب، فدخل البربر في الإسلام بدون قتال، ولهذا لم تتحقق موارد كثيرة من خمس الغنائم زمن عمر، وما كان موجوداً في بيت المال منه كان مصدره الفتوحات السابقة. ومع ذلك فقد سعى لإصلاح موازنة خمس الغنائم، فقد جعل للخمس بيت مال مستقل عن الأموال الأخرى، وأمر بوضعه في مواضعه المذكورة في سورة الأنفال، واثر به أهل الحاجة منهم حيث كانوا.
وقد أمر بعشرة آلاف دينار من سهم ذوي القربى فقسمها في بني هاشم، وساوى بين الذكر والأنثى، والصغير والكبير، فكتبت إليه فاطمة بنت الحسين تشكر له ما صنع، وتقول: يا أمير المؤمنين! قد أخدمت من كان لا خادم له، واكتسى منهم من كان عارياً، واستنفق من كان لا يجد ما يستنفق.
ولقد تمسك عمر في حق الخمس، فلما فتحت الأندلس قبل خلافة عمر لم يخمسوها، فأمر عامله عليها أن يبين العنوة من أرضها ويأخذ منها الخمس.
وأما في تصرفه في الفيء، فقد كان متبعاً للقرآن والسنة وسيرة الخلفاء الراشدين، فقد كتب كتاباً ذكر فيه عن الأموال والقرى التي أفاء الله بها على رسوله صلى الله عليه وسلم مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، واستدل بآيات سورة الحشر التي نزلت في ذلك، وبين أن ما من أحد من المسلمين إلا له حق في الفيء، فقد ذكرت الآيات المهاجرين والأنصار ومن جاء بعدهم من المسلمين بعد الهجرة الأولى حتى تنقضي الدنيا. وهو بذلك كان موافقاً لاجتهاد عمر بن الخطاب في جعل الفيء موقوفاً على أجيال المسلمين.
ونظر عمر في مصارف الخمس فوجدها موافقة لمصارف الفيء، فرأى أن يضمه إليه كما فعل عمر بن الخطاب، ويصرف منها على جميع مصالح المسلمين، وكتب في ذلك كتاباً:.. وأما الخمس فإن من مضى من الأئمة اختلفوا في موضعه.. ووضع مواضع شتى، فنظرنا فإذا هو على سهام الفيء في كتاب الله لم تخالف واحدة من الاثنتين الأخرى، فإذا عمر بن الخطاب رحمه الله قد قضى في الفيء قضاءً قد رضي به المسلمون، فرض للناس أعطية وأرزاقاً جارية لهم، ورأى أن لن يبلغ بتلك الأبواب ما جمع من ذلك، ورأى أن فيه لليتيم والمسكين، وابن السبيل، فرأى أن يُلحق الخمس بالفيء وأن يوضع مواضعه التي سمّى الله وفرض... فاقتدوا بإمام عادل؛ فإن الآيتين متفقتان: اية الفيء، واية الخمس... فنرى أن يُجمعا جميعاً فيُجعلا فيئاً للمسلمين ولا يستأثر عليهم.
لقد ساعدت إصلاحات عمر في إيرادات الخمس والفيء على تحقيق أهداف سياسته الاقتصادية، فتوزيعه للخمس على الأسهم المذكورة في القرآن مع إيثاره لذوي الحاجة أينما وجدوا ساعد على تحقيق إعادة توزيع الدخل والثروة، وشعر الناس بالعدل وزوال الظلم، بسبب هذه السياسة الرشيدة السديدة.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022