(مؤلفات شوهت تاريخ صدر الإسلام)
من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):
الحلقة: 283
بقلم: د. علي محمد الصلابي
محرم 1443 ه/ أغسطس 2021
1ـ كتاب الأغاني للأصفهاني:
يعتبر كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني كتاب أدب وسمر وغناء ، وليس كتاب علم وتاريخ وفقه ، وله طنين ورنين في اذان أهل الأدب والتاريخ ، فليس معنى ذلك أن يُسكت عما ورد فيه من الشعوبية والدس ، والكذب الفاضح والطعن والمعايب ، وقد قام الشاعر العراقي والأستاذ الكريم وليد الأعظمي بتأليف كتابه القيم الذي سمّاه (السيف اليماني في نحر الأصفهاني صاحب الأغاني) فقد شمّر ـ جزاه الله خيراً ـ عن ساعد الجد ، ليميز الهزل من الجد ، والسم من الشهد ، ويكشف ما احتواه الكتاب من الأكاديب ، ونيران الشعوبية والحقد ، وهي تغلي في الصدور ، كغلي القدور ، وأخذ يرد على ترهات الأصفهاني فيما جمعه من أخبار وحكايات مكذوبة وغير موثقة تسيء إلى ال البيت النبوي الشريف ، وتجرح سيرتهم ، وتشوه سلوكهم ، كما تناول مزاعم الأصفهاني تجاه معاوية بن أبي سفيان والخلفاء الأمويين بما هو مكذوب ومدسوس عليهم من الروايات ، وتناول الأستاذ الكريم والشاعر الإسلامي القدير وليد الأعظمي في كتابه القيم الحكايات المتفرقة التي تضمنها الكتاب والتي تطعن في العقيدة الإسلامية والدين الإسلامي ، وتفضل الجاهلية على الإسلام ، وغيرها من الأباطيل
أ ـ قال ابن الخطيب البغدادي: كان أبو الفرج الأصبهاني أكذب الناس ، كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف ، ثم تكون كل رواياته منها.
ب ـ قال ابن الجوزي:... ومثله لا يوثق بروايته ، يصرّح في كتبه بما يوجب عليه الفسق ، ويهوّن شرب الخمر ، وربما حكى ذلك عن نفسه ، ومن تأمَّل كتاب الأغاني ، رأى كل قبيح ومنكر.
جـ قال الذهبي: رأيت شيخنا تقيّ الدين ابن تيميّة يضعّفه ، ويتّهمه في نقله ، ويستهْوِل ما يأتي به.
2 ـ تاريخ اليعقوبي (توفي سنة 290 هـ):
هو أحمد بن أبي يعقوب إسحاق بن جعفر بن وهب بن واضح العباسي ، من أهل بغداد ، مؤرخ شيعي إمامي كان يعمل في كتابة الدواوين في الدولة العباسية ، حتى لقب بالكاتب العباسي ، وقد عرض اليعقوبي تاريخ الدولة الإسلامية من وجهة نظر الشيعة الإمامية؛ فهو لا يعترف بالخلافة إلا لعلي بن أبي طالب وأبنائه حسب تسلسل الأئمة عند الشيعة ، ويسمِّي عليّاً بالوصي ، وعندما أرخ لخلافة أبي بكر وعمر وعثمان لم يُضْفِ عليهم لقب الخلافة ، وإنما قال: تولى الأمر فلان. ثم لم يترك واحداً منهم دون أن يطعن فيه ، وكذلك كبار الصحابة؛ فقد ذكر عن عائشة رضي الله عنها أخباراً سيئة. وكذلك عن خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وعرض خبر السقيفة عرضاً مشيناً ادعى فيه أنه قد صلت مؤامرة على سلب الخلافة من علي بن أبي طالب الذي هو الوصي في نظره.
وطريقته في سياق الاتهامات ـ الباطلة ـ هي طريقة قومه من أهل التشيع والرفض؛ وهي إما اختلاق الخبر بالكلية ، أو التزيد في الخبر والإضافة عليه ، أو عرضه في غير سياقه ومحله ، حتى يتحرّف معناه ، ومن الملاحظ أنه عندما ذكر الخلفاء الأمويين وصفهم بالملوك ، وعندما ذكر خلفاء بني العباس وصفهم بالخلفاء ، كما وصف دولتهم في كتابه البلدان باسم الدولة المباركة، مما يعكس نفاقه وتستره وراء شعار التقية.
وهذا الكتاب يمثل الانحراف والتشويه الحاصل في كتابة التاريخ الإسلامي ، وهو مرجع لكثير من لمستشرقين والمستغربين الذين طعنوا في التاريخ الإسلامي وسيرة رجاله ، مع أنه لا قيمة له من الناحية العلمية؛ إذ يغلب على القسم الأول القصص والأساطير والخرافات ، والقسم الثاني كُتب من زواية نظر حزبية ، كما أنه يفتقد من الناحية المنهجية لأبسط قواعد التوثيق العلمي.
3 ـ المسعودي (توفي سنة 345 هـ) وكتابه مروج الذهب ومعادن الجوهر:
هـو أبـو الحسن علي بـن الحسين بـن علي المسعودي ، من ولـد عبـد الله بـنمسعود رضي الله عنه ، وقيل: إنه كان رجلاً من أهل المغرب ، ولكن يُرد عليه بأن المسعودي صرح بنفسه أنه من أهل العراق ، وأنه انتقل إلى ديار مصر للسكن فيها، وإن قصد ببلاد المغرب عكس المشرق؛ فمصر من بلاد المغرب الإسلامي فلا إشكال ، والمسعودي رجل شيعي ، فقد قال فيه ابن حجر: كتبه طافحة بأنه كان شيعياً عتزلياً. وقد ذكر أن الوصية جارية من عهد ادم تنقل من قرن إلى قرن حتى رسولنا صلى الله عليه وسلم ، ثم أشار إلى اختلاف الناس بعد ذلك في النص والاختيار ، فقدم رأي الشيعة الإمامية الذين يقولون بالنص ، وقد أولى الأحداث المتعلقة بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه في كتابه مروج الذهب اهتماماً كبيراً أكثر من اهتمامه بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم في الكتاب المذكور. وركز اهتمامه بالبيت العلوي ، وتتبع أخبارهم بشكل واضح في كتابه مروج الذهب ، وعمل بدون حياء ولا خجل على تشويه تاريخ صدر الإسلام.
هذه بعض الكتب القديمة التي نحذر منها ، والتي كان لها أثر في كتابات بعض المعاصرين ، كطه حسين في كتابه: الفتنة الكبرى (علي وبنوه) ، والعقاد في عبقرياته؛ فقد تورطا في الروايات الموضوعة والضعيفة ، وقامت تحليلاتهم عليها ، وبالتالي لم يحالفهم الصواب ، ووقعوا في أخطاء شنيعة في حق الصحابة رضي الله عنهم ، وكذلك عبد الوهاب النجار في كتابه: الخلفاء الراشدون؛ حيث نقل نصوصاً من روايات الرافضة من كتاب الإمامة والسياسة ، وحسن إبراهيم حسن في كتابه: عمرو بن العاص؛ حيث قرّر من خلال الروايات الرافضية الموضوعة بأن عمرو بن العاص رجل مصالح ومطامع ، ولا يدخل في شيء من الأمور إلا إذا رأى أن فيه مصلحة ومنفعة له في الدنيا، وغير ذلك من الباحثين الذين ساروا على نفس المنوال ، فدخلوا في الأنفاق المظلمة بسبب بعدهم عن منهج أهل السنة والجماعة في التعامل مع الركام الهائل من الروايات التاريخية.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com