عماد الدين زنكي ونظام الإقطاع العسكري
اقتباس كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
الحلقة: 32
بقلم: د.علي محمد الصلابي
صفر 1444 ه/ سبتمبر 2022م
أدرك زنكي ضرورة توزيع الإقطاعات على أمرائه وجنده نظراً لطبيعة الظروف الحربية، والسياسية التي جابهتها إمارته، حيث انتشرت مجموعة من الإمارات المحلية المتنافسة في الجزيرة، والشام، والجبال، وشرقي الموصل فضلاً عن إمارات الصليبيين، فكان ذلك يحتم عليه اتباع الأساليب التي تضمن له تشكيل قوة عسكرية متمكنة، يخلص أفرادها لأميرهم، ومصلحة إمارتهم بناء على وجود مصالح مشتركة، وليس ثمة في تلك الفترة ما هو أحسن من الأسلوب الإقطاعي لضمان تكوين الجندي المخلص، والجيش القوي المنظم.
لذلك كان أول عمل قام به زنكي عند دخوله الموصل 521هـ هو «تقرير قواعد الجنود، وإقطاع العساكر» ،((1) كما جعل من منهجه قبل الاصطدام مع الصليبيين، الاستيلاء على ما بقي من البلاد الشامية والجزرية، وإصلاح شأنها، والفراغ من إقطاع بلادها لجند يختبرهم، ويعرف نصحهم وشجاعتهم ،(2) وفي سبيل تحقيق ذلك عقد هدنة مؤقتة مع صليبيي الرُّها.(3)
ولم تكن معظم مدن الموصل، والجزيرة، وشمالي الشام خاضعة لزنكي عند توليته هذه المناطق رسمياً من قبل السلجوقي، لذا غدت معظم عمليات التوزيع الإقطاعي متوقفة إلى حد كبير على فتوحاته، ومتدرجة زمنياً مع أوقات هذه الفتوحات، فكان كلما استولى على بلد رتب أموره، وأقطع أعماله الأجناد والأمراء ،(4) وفضلاً عن قيام المقطع بالدفاع عن المنطقة، وإمداد جيوش زنكي بقوات من عنده في حالات القتال ،(5) فقد استخدم الأخير الإقطاع لأغراض أخرى أهمها الغرض الإداري، وهو قيام المقطع بإدارة أمور ولايته كوال من قبل زنكي على تلك المنطقة(6) أو لإبعاد الشخص الذي يرى في وجوده خطراً بإقطاعه منطقة بعيدة ،(7) أو لإكرام بعض أمرائه المقربين اعترافاً بفضلهم،(8) أو لإغراء بعض أعدائه بتسليم حصونهم مقابل إقطاعهم بعض المناطق ،(9) كما أنه تنازل عن بعض الحصون التي فتحها في ديار بكر لحسام الدين تمرتاش أمير بني أرتق، وذلك لأغراض سياسية تستهدف تقوية حلفه مع حسام الدين ضدَّ أعدائه في المنطقة(10)
مراجع الحلقة الثانية والثلاثون:
(1) الباهر ص 36، عماد الدين زنكي ص 218.
(2) الباهر ص 37، عماد الدين زنكي ص 218.
(3) الباهر ص 37، مفرج الكروب (1/36).
(4) الكامل نقلاً عن عماد الدين زنكي ص 218.
(5) مفرج الكروب (1/103) عماد الدين زنكي ص 218.
(6) عماد الدين زنكي ص 218.
(7) الباهر ص 35 عماد الدين زنكي ص 218.
(8) الباهر ص 16، عماد الدين زنكي ص 218.
(9) ذيل تاريخ دمشق ص 270، عماد الدين زنكي ص 219.
(0 ) عماد الدين زنكي ص 219.
يمكنكم تحميل كتاب عصر الدولة الزنكية ونجاح المشروع الإسلامي بقيادة نور الدين الشهيد في مقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي