(فرنسا وسياسة الإغراء الانتخابي)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 246
بقلم: د. علي محمد الصلابي
رجب ١٤٤٣ه/ فبراير ٢٠٢٢م
بالرغم من ظلم النظام الانتخابي، وتشكيل هيئتين انتخابيتين واحدة للفرنسيين وواحدة للمسلمين، وقلة التمثيل للمسلمين، وحرمان المسلمات الجزائريات من الانتخاب حتى مرسوم جويلية 1958م، والتزوير الشامل عند العمليات الانتخابية ؛ حاولت الأحزاب السياسية الجزائرية أن تلعب ورقة الانتخابات لانتزاع الحقوق الفردية والجماعية.
ـ وعند انتخاب المجلس الوطني الفرنسي التأسيسي لم يشارك إلا الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري، وأما حزب الشعب الجزائري العامل في سرية فقد رفض المشاركة لأنه اعتبرها اعترافاً بالسيادة الفرنسية على الجزائر «2 جوان 1946م».
وتقدمت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية « MTLD »، وهي الوجه الرسمي لحزب الشعب الجزائري الممنوع، للمشاركة في الانتخابات التشريعية التي نظمت يوم 10 نوفمبر 1946م، وتمكنت من نيل 5 مقاعد في البرلمان الفرنسي من بين 13 مخصصة للمسلمين، وقد احتل تلك المقاعد كل من أحمد مزغنّا، ومحمد خيضر، والدكتور محمد الأمين دبّاغين، ومسعود بوقادوم، والدكتور جمال دردور.
إن وجود هؤلاء المناضلين في البرلمان الفرنسي سمح للحركة الوطنية بأن تعرف بمواقفها الوطنية وبمطالبتها بالاستقلال، ولا سيما عندما نوقش في البرلمان الفرنسي مشروع القانون الأساسي الذي أصبح قانون 20 سبتمبر 1947م الأساسي.
وشارك الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري في انتخاب مجلس الجمهورية الفرنسية «نوع من مجلس الشيوخ» المنصوص عليه في دستور 27 أكتوبر 1946، ونال 4 مقاعد من بين السبعة المخصصة للمسلمين، والمعلوم أن مجلس الجمهورية يُنتخب من طرف أعضاء المجموعات المحلية، وامتنعت حركة انتصار الحريات الديمقراطية عن المشاركة لأسباب إجرائية، نوفمبر وديسمبر 1946م.
وفي الانتخابات المحلية التي جرت في أكتوبر ونوفمبر 1947م، حصلت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية على 31% من المقاعد، بينما حصل الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري على 27% من المقاعد، فهكذا بدأت تظهر أغلبية للجزائريين في المجالس المحلية 58%. لكن السلطة الاستعمارية تنبهت لذلك، فلجأت إلى اختلاق العراقيل أمام المرشحين، كما لجأت إلى التزوير الشامل، فعند انتخاب الجمعية الجزائرية طبقاً للقانون الأساسي 20/1947م رفضت الإدارة الفرنسية 33 مرشحاً من 59 مرشحاً في قائمة الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية، وذهبت إلى أبعد من ذلك إذ ألقت عليهم القبض. واشتهر الحاكم العام الجديد المعين في بداية 1948م نيجلان بالتزوير الشامل للانتخابات.
ففي انتخابات الجمعية الجزائرية في أفريل 1948م حصلت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية على 9 مقاعد، والاتحاد الديمقراطي على 8 مقاعد، والمستقلون على مقعدين، والمؤيدون من طرف الإدارة الفرنسية على 41 مقعداً.
والجدير بالذكر أن للجزائريين في هذه الجمعية 60 مقعداً، وللفرنسيين 60 مقعداً، وذلك ظلم لأن عدد السكان الفرنسيين عُشر عدد السكان الجزائريين.
وعند التجديد الجزئي للجمعية الجزائرية سنة 1952م وسنة 1954م، فضلت الحركة من أجل انتصار الحريات الديمقراطية أن تمتنع عن المشاركة في الانتخابات، والحصيلة من تجربة الانتخابات أنه لا يمكن الاعتماد عليها للحصول على إصلاحات تخدم تحرر الجزائر والجزائريين، وساعد ذلك على إيمان الساسة بالعمل المسلح الثوري لتحقيق الاستقلال.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: