(الظروف الدولية العامة لثورة 1954)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 248
بقلم: د. علي محمد الصلابي
إن العمل الجماعي والملتزم شكّل الوسيلة الوحيدة لتجاوز الخلافات بين الوطنيين، والشعب الجزائري من جهته وجّه لوماً للأحزاب على عجزها عن تقليد الأسلوب التحرري في تونس والمغرب، وفي الوقت نفسه كان الشعب الجزائري مطلعاً على ما جرى في ثورة الريف بالمغرب «من سنة 1921م إلى سنة 1926م». وفي «ديان بيان فو» بالهند الصينية، حيث هُزم الجيش الفرنسي بين 13 مارس و7 ماي 1954م.
وبالفعل لقد ثار الأمير عبد الكريم الخطابي سنة 1921م على المحتلين الإسبان في الريف، وألحق هزيمة بالجيش الإسباني المتألف من 000،18 جندي، وقد انتحر العميد سيلفيسر بعد هذه الهزيمة، إلا أنه ألقي القبض على الأمير في ماي 1926م، ثم نُفي من طرف فرنسا، التي تدخلت خوفاً من تزعزع وجودها في المغرب، واستطاع الأمير عبد الكريم الخطابي أن يفر عندما كان منقولاً من منفاه عبر قناة السويس سنة 1948م في مصر. وترأس حتى سنة 1963م لجنة تحرير المغرب العربي، المكلفة بتنسيق أعمال البلدان المغاربية بالتحرير، وفي المغرب رفض الملك محمد الخامس الانصياع لسياسة فرنسا الاستعمارية، فنفي إلى «مدغشقر» يوم 20 أوت 1953م، إثر أحداث الدار البيضاء العنيفة. وبدأت المقاومة المغربية تنتظم، فأرغمت الحكومة الفرنسية على إرجاع محمد الخامس إلى بلده وإلى عرشه 16 نوفمبر 1955م.
وبعد محادثات شمال فرساي أعلن استقلال المغرب يوم 2 مارس 1956م أي 16 شهراً بعد اندلاع الثورة الجزائرية التحريرية.
وفي تونس أنشئت لجنة وطنية للمقاومة بقيادة أحمد تليلي، بعد اعتقال عدد من الوطنيين المنتمين إلى حزب الدستور الجديد، «منهم الحبيب بورقيبة مؤسس هذا الحزب سنة 1934»، وشرعت المقاومة التونسية في القيام بأعمال تخريبية وهجومات تستهدف تدمير المزارع التابعة للمعمرين ومنشات اقتصادية أخرى، كما تستهدف بعض الخونة وبعض المعمرين «يناير 1956م».
أجابت السلطات الفرنسية هذه الحركة بعنف أعمى، ونشأت حركة إجرامية اسمها «اليد الحمراء» لتغتال المناضلين. ففي 5 ديسمبر 1952م اغتالت زعيم النقابة التونسية فرحات حاشد فتضاعفت أعمال التخريب، كما تقوى الضغط السياسي من طرف حزب الدستور الجديد سنتي 1953م، 1954م، وتدخلت القوات الفرنسية بقوة وصل عددها إلى 000،70جندي، لكن العمليات الفدائية والضغط السياسي المستمر أرغما فرنسا على التفاوض، فأمضيا اتفاقيات الحكم الذاتي يوم 3 جوان 1955م بين الوزير الأول الطاهر بن عمر ورئيس مجلس الوزراء «ايدوقار فور».
واستُؤنفت المفاوضات بين ذلك، فتوصلت إلى إعلان استقلال تونس يوم 20 مارس 1956م، مع بقاء قاعدة (بنزرت) بين أيدي فرنسا لمدة. إن تاريخ استقلال المغرب «2 مارس 1956م»، وتاريخ استقلال تونس «20 مارس 1956م»؛ يدلان على أن الثورة الجزائرية سرّعت مجرى التنازل لدى الفرنسيين، ليتسنى لهم تركيز قواتهم على منع الجزائر من حصولها على الاستقلال.
لقد كان الجزائريون على علم بكل هذه الأحداث، وكانوا يسجلون تأسفهم حين كانت فرنسا تجند جزائريين للمشاركة في حرب الهند الصينية، مستغلة ظروفهم الاجتماعية. بكلمة واحدة شعر الشعب الجزائري بأنه حان الوقت لجعل حد نهائي للاستعمار المصحوب بالظلم والعنصرية والاستغلال والأعمال الإجرامية.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: