الإثنين

1446-11-14

|

2025-5-12

(تحويل المنظمة الخاصة إلى جبهة للتحرير الوطني الجزائري)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: ٢٤٩

بقلم: د.علي محمد الصلابي

رجب ١٤٤٣ه/ فبراير ٢٠٢٢م

كان قادة المنظمة السرية يتهيؤون للعمل الثوري على مستوى المغرب العربي، وذلك بقصد أن لا تبقى الحركة الثورية في الجزائر منعزلة، وخاصة أن فرنسا كانت عندها استراتيجية للتفاهم مع التونسيين والمغاربة، مقابل عدم تعاونهم مع الجزائريين، والالتزام بعزلهم.

ولتجنب الانعزال ؛ قام الجزائريون بإنشاء مكتب في القاهرة، واتصل بن بلة بالحبيب بورقيبة في تونس عدة مرات، ثم جاء بعده بوضياف وشنتوف إلى تونس للقيام بنفس المهمة، وذهب عبد الحميد مهري إلى العراق، حيث حصل على السلاح من نوري السعيد، وتمكن الجزائريون من الحصول على دعم مالي من المملكة العربية السعودية، تم تحويله إلى الجزائر عن طريق مصر.

غير أن الخلاف الخطير الذي نشب بين أعضاء اللجنة المركزية للحزب ومصالي الحاج في خريف 1953م، هو الذي كان له الأثر الكبير على نشاط جميع المناضلين، وأكد عبد الحميد مهري أن نسبة كبيرة من المناضلين في الحزب كانوا في البداية يؤيدون مصالي الحاج لأنه بسط القضية وقال: نحن راقدون والعالم يتحرك. وهذا يستجيب لرغبات المناضلين بما في ذلك منطقة القبائل. ولكن الأمور تغيرت فيما بعد، أي حين عاد محمد بوضياف وديدوش مراد من فرنسا في بداية سنة 1954م، وأقنعوا المناضلين بأن مصالي الحاج لا ينوي القيام بالعمل المسلح حقيقة، وأن هدفه الأول هو تطهير القيادة.

وأكد بوضياف أنه أعرب عن رغبته للدخول إلى الجزائر في بداية مارس 1954م، بقصد رد «العناصر الضالة» إلى طريق الصواب، أي الذين تأثروا بالدعاية المصالية وأخذوا يفكرون في الانحياز إلى رئيس الحزب، ولكن جوهر المهمة التي كان ينوي القيام بها هي الحيلولة دون انحياز العناصر الباقية من المنظمة الخاصة إلى صف المصاليين.

وبالفعل فقد اتصل بوضياف بزملائه في المنظمة الخاصة بعد عودته إلى الجزائر العاصمة أمثال مصطفى بن بولعيد، العربي بن مهيدي، ورابح بيطاط، وتدارس أعضاء المنظمة الخاصة فيما بينهم لعمل شيء ما، لوقف التصدع والانشقاق في الحزب، وإبعاد القاعدة النضالية عن الانقسام الخطير الجاري على مستوى القمة، ومن خلال هذا اللقاء انبثقت فكرة إنشاء «اللجنة الثورية للوحدة والعمل»، التي برزت إلى الوجود بصفة رسمية يوم 23 مارس 1954م.

وهكذا تم تكوين «اللجنة الثورية للوحدة والعمل» من الحياديين أمثال محمد بوضياف، مسؤول التنظيم في فدرالية الحزب بفرنسا، ومصطفى بن بولعيد عضو اللجنة المركزية للحزب، ومن المركزيين وأعضاء اللجنة المركزية المناهضين لمصالي الحاج، وبشير دخلي عضو اللجنة المركزية للحزب، والمراقب العام للتنظيم بالحزب، وأكد محمد بوضياف أن مصالي الحاج وأنصاره قد استاؤوا من تنظيم اللجنة الثورية للوحدة والعمل.

في الوقت الذي كانوا فيه على وشك الانتصار على أعضاء اللجنة المركزية لرئيس الحزب، وإعطائه قسماً من مالية الحزب، لتحضير المؤتمر الوطني للحزب خلال ثلاثة أشهر.

لقد كان ميلاد «اللجنة الثورية للوحدة والعمل» بمثابة مبادرة قد يترتب عنها إعادة النظر في الانتصارات التي حققها المصاليون على اللجنة المركزية.

وقد تضمن إعلان «اللجنة الثورية للوحدة والعمل» ما يلي:

ـ المحافظة على وحدة الحزب من خلال عقد مؤتمر موسّع وديمقراطي للحزب، وذلك لضمان الالتحام الداخلي والخروج بقيادة ثورية.

ـ دعوة المناضلين إلى التزام الحياد، وعدم الانضمام إلى أي فريق.

وكانت خطة بوضياف ومصطفى بن بولعيد تقوم على أساس الاستيلاء على القاعدة للبدء في الكفاح المسلح، وعملت اللجنة الثورية للوحدة والعمل على توحيد صفوف الحزب من جديد، ولكنها فشلت، وحافظت العناصر الثورية في اللجنة الثورية للوحدة والعمل على علاقتها بأعضاء اللجنة المركزية، إلى أن تأكدت أنها حققت إلى حد ما ما كانت تنتظره من هذه العلاقة، وهو تبليغ نداء الكفاح المسلح باعتباره الطريق الوحيد لحل مشاكل الجزائر، وعندئذ تقرر حل «اللجنة الثورية للوحدة والعمل»، والدعوة إلى اجتماع تحضره الشخصيات المؤيدة للعمل المسلح، وذلك بقصد دراسة الوضعية المترتبة عن الطريق المسدود الذي الت إليه اللجنة الثورية وتقرير ما ينبغي عمله.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022