من كتاب إشراقات قرآنية بعنوان:
سورة الهمزة
الحلقة 148
بقلم: د. سلمان بن فهد العودة
شوال 1442 هــ / يونيو 2021
* {وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَة}:
{وَيْلٌ } التي افتتحت بها السورة تكررت في القرآن الكريم؛ ومن ذلك:
1- وردت في شأن اليهود، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } [البقرة: 79].
2- وعلى لسان مَن يخالل الأشرار، فيصدونه عن سبيل الله، كما في قوله تعالى: {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً} [الفرقان: 28].
3- وفي الذين ينقصون المكيال، قال تعالى: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين} [المطففين: 1].
4- في الأفَّاك الأثيم، وهو الكذَّاب المفتري الذي يسمع آيات الله ثم يصر على كفره وضلاله مستكبرًا، قال تعالى: {وَيْلٌ لِّكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيم} [الجاثية: 7].
5- في المكذِّبين، قال تعالى: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِين} [المرسلات: 15].
6- في القاسية قلوبهم، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللَّهِ} [الزمر: 22].
7- وفي الظالمين، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيم} [الزخرف: 65].
8- في الذين يغفلون عن صلاتهم ويقصِّرون في أدائها، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّين * ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ} [الماعون: 4- 5].
وفي هذه السورة وعيد لكل هُمزة لمُزة غَيَّاب عَيَّاب.
في الويل معنى التهديد والوعيد، وبكل حال فالغالب على هذه المواضع أنها في شأن أولئك الذين يؤذون عباد الله، كما في الأفَّاك الأثيم، والمطفِّفين، وفي الـهُمزة اللُّمزة، والظالمين، الذين آذوا الناس وظلموهم.
وكلمة {وَيْلٌ } قد تكون دعاءً على الإنسان، وقد تكون خبرًا، وأيًّا ما كانت، فهي بيان عن سوء حال هذا الإنسان الذي جاءه الوعيد.
وكأن أصل الكلمة- والله أعلم- أن الإنسان إذا نزلت به نازلة أو مصيبة يقول: «وي». وهذه كلمة توجعٍ وتحزُّنٍ وتخوفٍ وقلقٍ، ثم يقول: «لي»، فلكثرة استعمالها صارت: «ويلي»، وقد تأتي معرفة، كما قال سبحانه: {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُون } [الأنبياء: 18].
وثَمَّ فرق بين «ويح» و«ويل»، فـ«ويح» فيها الرحمة والترحم، أما «ويل» ففيها التوعُّد.
وقال بعض المفسرين: {وَيْلٌ }: واد في جهنم. وهذا لم يصح فيه شيء، كما سبق في «سورة المطففين».
والتعميم في «كل» يدل على أن السورة لم تنـزل في شخص بعينه، بل هي لكل همَّاز لـمَّاز.
سلسلة كتب:
إشراقات قرآنية (4 أجزاء)
للدكتور سلمان العودة
متوفرة الآن على موقع الدكتور علي محمَّد الصَّلابي:
http://alsallabi.com/books/7