تعدد أشكال هجومات جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 291
بقلم: د. علي محمد الصلابي
شوال 1443 ه/ مايو 2022م
إن هجومات جبهة التحرير الوطني وجيش التحرير الوطني انتشرت في كل أنحاء الوطن بأشكال متعددة.
ـ استهدفت عمليات التخريب: المحصولات الزراعية والمزارع التابعة للمعمرين والطرقات والجسور والسكة الحديدية والمحولات الكهربائية والأعمدة.
ـ صناعة القنابل ظهرت في كل ولاية: وقد أشرف عليها جنود لهم تجربة في الجيش الفرنسي،ءْ وتحايلوا في استعمال القنابل الفرنسية التي لم تنفجر، وتمكنوا من تشغيل الألغام عن بعد، فهكذا تكرر تفجير القطارات في «واد جرّ» غرب العاصمة، الأمر الذي أدّى إلى حراسة شاملة للسكك الحديدية من طرف عدد كبير من القوات الفرنسية، وقد لجأت هذه الأخيرة إلى وضع المسافرين الجزائريين في الأمام وقاية من التفجيرات. فوجه جيش التحرير هجوماته على قطارات البضائع.(1)
في الجزائر العاصمة كلف الطالب في الكيمياء المسمى عبد الرحمن طالب بصنع قنبلة تُستعمل كجواب على القصف الذي يتعرض له السكان في الجبال.
لقد توصل الطالب إلى صنع أول قنبلة بمساعدة شريف دبيح في أوت 1956م، فتطوعت نساء وطالبات لوضعها في أماكن يتردد إليها فرنسيون متطرفون. إن هذا النوع من العمليات أحدث هلعاً في صفوف العدو.
ـ تشكلت أفواج من المجاهدين في وقت مبكر تحت إشراف مصطفى فتّال وبلقاسم بوشافة، المتصلين بجيش التحرير في المنطقة الرابعة «الولاية الرابعة»، ثم أشرف سعدي ياسف على النظام السياسي والعسكري بالعاصمة، حيث وجهت ضربات قوية ضد الخونة والفرنسيين المتطرفين ومسؤولي الجيش الفرنسي والشرطة والثكن ومراكز الشرطة.. وذلك على يد علي عمارا المدعو علي لابوانت وعمر حمادي واخرين. وقد ارتفع عدد العمليات بالجزائر حتى أن العميد «راؤول صالان» يعترف في مذكراته بأنه في شهر نوفمبر 1956م وحده شنت جبهة التحرير الوطني 2900 عملية هجومية في العاصمة.
وهناك قوات أخرى واجهتها جبهة التحرير الوطني بالعاصمة، وهي التنظيمات السرية التي تكفلت بقتل الجزائريين واستفزازهم.
ولقد هوجمت كنائس بالعاصمة بيد أن سعدي ياسف قائد منطقة الجزائر يذكر أنه لم يُصدر أمراً بالهجوم، فهدف المتطرفين كان جرّ الفرنسيين إلى عمليات إشعال النار ضد الجزائريين الأبرياء «ديسمبر 1956م».
ـ ويذكر علي هارون أن خلايا العمليات في فرنسا بدأت تظهر ابتداءً من اخر 1955م تحت إشراف أحمد دوم وعبد الكريم سويسي، ركزت العمليات في البداية على الدفاع الذاتي ضد اعتداءات المصاليين والشرطة.
إن هذه الإضاءات تعطي صورة عن حجم العمليات بالمدن. ولكن كيف جرت العمليات في الأرياف؟(2)
هجومات وكمائن واشتباكات في الأرياف:
نشير في بداية الفقرة إلى أن العمليات العسكرية لم تكن في شكل واحد «كمين هجوم اشتباك..» لأنها قد تبدأ بكمين وتتواصل باشتباك، وقد تتضمن عملية تفتيش «يقوم بها العدو» كميناً في أثنائها تنصبه وحدة لجيش التحرير، زيادة على أن كل عملية يشنها جيش التحرير الوطني تكون متبوعة بحملة تدميرية وتقتيلية تقوم بها القوات الفرنسية ضد السكان الموجودين جغرافياً في مكان الكمين أو الاشتباك.
إن العمليات كانت يومية وفي كل الجهات، أحصتها الملتقيات التي نظمتها المنظمة الوطنية للمجاهدين ولكنها غير مكتملة، فعلى المجاهدين الباقين على قيد الحياة أن يكملوها لأنها تبين حجم المعارك وعظمة التضحيات، كما تبين الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها القوات الفرنسية، كما تقدم نماذج من المعارك التي وقعت من سنة 1954م إلى سنة 1956م، حتى نبين جو الحرب بين فئة قليلة من المؤمنين بقضيتهم التحررية وفئة كثيرة مدججة بالسلاح، وهي لا تؤمن بقضيتها بل هي الة قتل يحركها النظام الاستعماري.(3)
مراجع الحلقة الثانية والتسعون بعد المائتين:
(1) الثورة الجزائرية ثورة أول نوفمبر 1954م، بوعلام بن حمودة ص 230.
(2) المصدر نفسه ص 230، 231.
(3) المصدر نفسه ص 231.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: