التموين والغذاء في الثورة الجزائرية (1)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 296
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
اهتم قادة جيش التحرير الوطني بالتموين وضمان وصوله إلى كتائب جيش التحرير في الجبال والأرياف، وإلى المحرومين والمعذبين في القرى والمداشر المعزولة وفي المخابأئ والمغاور والملاجأئ، فألفوا فرقاً خاصة لذلك، تكلفت بجمع المؤن وتدبيرها وتخزينها ونقلها وتوزيعها حسبما يتطلب الأمر في كل أطراف الولاية، وتعاون الجميع بما في ذلك الجنود، والمدنيون، النساء، الرجال،الأطفال، وتحملوا تبعات ذلك طوال سنوات الثورة.(1)
وتحدث الأستاذ علي بوداري في كتابه: «نافذة على اقتصاد الثورة في الشمال القسنطيني» وهو يتضمن من الجلب إلى الاستهلاك، وهو مستمد من تقارير الثورة منذ النشأة، ومروراً بالتطوير والتنظيم والتقنين والتسيير والتعليمات ورسائل الأخبار والتقارير المتنوعة من مستويات مختلفة، وجهد الثورة المضني الكبير المبذول في العمل والمقاومة والصمود، لإفشال خطط العدو الاستعماري في الحصار الاقتصادي المضروب، وبرنامج القطع والتجويع والمنع القمعي المفروض على الثورة والشعب في الجبال، عبر المراحل من المناطق الحربية والمناطق السلمية في 1956م إلى المناطق المحرمة 1957م.
إن التموين يعتبر من الضروريات الأولية الأساسية للثورة مثل المال والسلاح والقيادة والجندي المحارب وأرض ميدان الحرب والشعب المؤيد لها في الميدان الداخلي، وهي كلها أمور وعناصر حيوية وشروط مرتبطة ببعضها البعض ارتباطاً قوياً ووثيقاً، ولذلك فكل ميادين الثورة تكون متشابكة ومتكاملة ومتماسكة مع بعضها البعض أيضاً، إذ ينطلق عملها من نقاط متفرقة وقواعد مختلفة ويصب جهدها كله ويلتقي في اتجاه هدف واحد، وهو انتصار الثورة، وهذا الوضع صار أمراً عاماً وشعوراً يشترك فيه كل الناس أفراداً ومنظمات دون استثناء.(2)
أ ـ تسيير التموين:
كان تسيير التموين لسنوات عديدة بعد اندلاع الثورة بالتحديد من 1955م إلى أواخر 1958م وأوائل 1959م مدمجاً في الميدان السياسي. ويشرف عليه المسؤولون المكلفون بالميدان في الدواوير ومقاطعات الأقسام الأولى، وبعد تنصيب لجان الإدارات أواخر سنة 1956م صار المحافظ السياسي مسؤولاً رسمياً وقانوناً عن المال والتموين في ان واحد. وكان القانون ينص كما ورد في المنشور رقم 7 المؤرخ في 20 مارس 1957م الصادر عن إدارة الولاية الثانية المتضمن اختصاصات مختلف أعضاء لجان المناطق والنواحي والأقسام عن التموين ما يلي:
ـ يقوم المحافظ السياسي بشراء المؤونة والملابس الضرورية لعناصر نظام دائرته الترابية.
ـ يراقب إرسال واستعمال المواد، ويسهر على تكوين مخزون للتموين لمواجهة كل احتمال، وفي اجتماع الإدارة يقدم التقرير المالي.
وقد استمر الوضع وعلى هذا الحال إلى غاية تنصيب العضو المكلف بالتموين في الإدارة. وأول ظهور رسمي لمسؤول التموين في هياكل نظام الثورة كان على مستوى المجالس الشعبية للدواوير بعد مؤتمر الصومام، في 20 أوت 1956م، التي تم تنصيبها بعد انتخاب من الشعب خلال شهور أكتوبر نوفمبر ديسمبر 1956م، والقول بوجود رسمي لمسؤول التموين قبل هذا الوقت فيه نظر.(3)
ب ـ هياكل التموين ومهامها:
كان تنصيب عضو خاص مسؤولاً بميدان التموين ضمن تشكيلة المجالس الشعبية الخماسية في الدواوير عند إنشائها أواخر سنة 1956م، كان أول ظهور فعلي لهيكل فرع التموين في ميدان النظام والتنظيم الميداني الرسمي للثورة في ذلك الوقت.
وبدأت عبارة ومصطلح الاقتصاد تتردد على ألسنة المسؤولين، مما جعل البعض منهم في أول الأمر يصف مسؤول التموين بوزير الاقتصاد ومسؤول المال بوزير المال، وكانت اختصاصات ومهام مسؤول التموين المحلي في المجلس الشعبي للدوار محددة في قانون المجالس الشعبية للدواوير وهي كالتالي:
ـ أنه المسؤول الوحيد عن تسيير التموين في الدوار.
ـ أنه يسهر على حفظ وأمن مستودعات التموين الموجودة في الدوار.
ـ أنه ينظم سلاسل جلب التموين ليتمكن له تموين الشعب في الدوار.
ـ أنه يشجع الاستغلال الفلاحي، أي يحث السكان على فلاحة الأرض.
ـ أنه ينظم قائمة للعائلات المحتاجة ويحض على فكرة الإعانة والاستغاثة .(4)
ج ـ مصادر تكوين تموين الثورة:
المصادر المادية التي يتكون منها تموين الثورة تتوزع على الأبواب والعناصر التالية:
ـ الشراء بالمال: ويشمل جميع الاحتياجات من الأغذية والألبسة والأغطية والأدوية والمواعين والأشياء المختلفة الأخرى التي تستعملها الثورة.
ـ الزكاة: وهي تشمل كل الأصناف التي حددها الشرع وتدخل ضمن هذا العنوان بشروطها المحددة.
ـ التبرعات بمختلف تكويناتها.
ـ الغنائم من العدو والخونة العاملين معه، والهبات وغير ذلك من المصادر المتاحة.
مراجع الحلقة السادسة والتسعون بعد المائتين:
)) يحيى بوعزيز، الثورة في الولاية الثالثة ص 206.
2)) علي بوداري، نافذة على اقتصاد الثورة، ص 9.
3)) المصدر نفسه ص 13.
4)) علي بوداري، نافذة على اقتصاد الثورة، ص 9.
ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: