ثورة الشعب الجزائري ... نتائج إضراب الثمانية أيام
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 295
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
من النتائج الهامة التي أسفر عنها إضراب الأيام الثمانية الشهير كما يستخلصها بن خدة:
1 ـ تزكية الشعب وجماهير المدن بصفة خاصة لمطلب الاستقلال، وفي ذلك ضربة قاسية لمقولة «الجزائر فرنسية».
2 ـ تعزيز وحدة الشعب تحت طائلة القمع الاستعماري الذي كان شاملاً وبدون تمييز.
3 ـ تعزيز مكانة وسمعة جبهة التحرير الوطني داخلياً وخارجياً.
4 ـ تخريب أسس الثقة والتعاون بين المناضلين وبين المواطنين وإدارة الاحتلال بالعاصمة، مما خفف الضغط إلى حد ما على الولايات.
5 ـ تعود العسكريين على الحكم، وكان في ذلك بداية نهاية الجمهورية الرابعة بفرنسا التي لفظت أنفاسها يوم 13 ماي 1958م.
6 ـ تزايد الشعور بالخوف وانعدام الأمن لدى الكولون رغم وجود الجيش الفرنسي، هذا الشعور الذي كان له أثر في الهجرة الجماعية التي عرفتها الجزائر عشية وغداة الاستقلال.
وهناك الوجه الاخر لإضراب الأيام الثمانية الذي تجدر الإشارة إليه كذلك، ويتمثل في الانعكاسات السلبية كما يستخلصها عضو لجنة التنسيق والتنفيذ بن خدة:
1 ًـ الثمن الباهظ الذي دفعته الثورة، ويتجلى في تدمير جانب كبير من هياكل الجبهة في العاصمة خاصة، وإلقاء القبض على المواطنين والمناضلين بصفة جماعية، وتعذيب وإعدام نخبة من العناصر القيادية التي لا تقدر خسارتها بثمن، ومن هؤلاء الشهداء:
ـ محمد العربي بن مهيدي عضو لجنة التنسيق والتنفيذ.
ـ المحامي علي بومنجل.
ـ صالح بوقادوم ومحمد لانجريط اللذين زج بهما في زنزانات مع الكلاب البوليسية، وقد أصيبا لذلك بانهيار عصبي، ولم يتورع جلادو فيلا سوزيني من الإجهاز على الشهيد لانجريط.
ـ محمد وعمارة الذي جعل للجنة التنسيق والتنفيذ من مسكنه مقراً لها وقد أعدم بعد خروج اللجنة من العاصمة.
ـ عبد القادر قدوش مسؤول الأفواج المسلحة بالعقيبة «أعالي بلكور»، وقد عذب بلهب الشاليمو حتى لفظ أنفاسه.
ـ ومن المناضلين الذين ألقي عليهم القبض وعذبوا تعذيباً شديداً المناضل إبراهيم الشرقي مسؤول النظام السياسي بمنطقة الجزائر العاصمة.
2 ًـ خروج لجنة التنسيق والتنفيذ من العاصمة تحت ضغط قوات الاحتلال، إلى الولاية الرابعة ومنها إلى القاهرة عبر تونس والمغرب. ومع كل ذلك ومن أجل كل ذلك يعتبر إضراب الأيام الثمانية الشهيرة حدثاً هاماً في مسيرة الثورة التحريرية.(1)
بيان إضراب الثمانية أيام:
أيها الشعب الجزائري:
إن كفاحك البطولي ليرجع عهده إلى سنة 1830م، إن الاستعمار الفرنسي يحاول منذ مائة وسبعة وعشرين عاماً أن يبيدك ويمحق شخصيتك ويقضي على شخصيتك ولكن دون جدوى.
إن الاستعمار الفرنسي ظل طيلة مائة وسبعة وعشرين عاماً يقتل ويسحق ويعذب خيرة أبنائك البررة.
إن الاستعمار الفرنسي جعل من جزائرنا طيلة مائة وسبعة وعشرين عاماً موطن البؤس والرعب والخنق والكبت، لقد بقيتَ طيلة هذه المائة وسبعة وعشرين عاماً رافعاً لواء الكفاح لواء الجزائر المكافحة المجاهدة، لواء جنود عبد القادر، لواء ثوار بني سناسن، وأولاد سيدي الشيخ، والمقراني، وأبطال جبال أوراس «1916 ـ 1926م»، وضحايا سطيف، وقالمة، وشهداء سيدي علي بوناب، ولواء جيش التحرير الوطني منذ أول نوفمبر 1954م.
أيها الشعب الجزائري:
إن القيادة العليا لجيش وجبهة التحرير الوطني التي هي مرشدك في النضال والتي تعززها ثقتك المطلقة بها، ترسل إليك هذا النداء لتنفيذ إضراب شامل لمدة ثمانية أيام في كل التراب الوطني.
إن واجبكم هو أن تستعدوا للقيام بهذا الإضراب الثوري العظيم في إجماع كامل ووحدة لا انفصام لها.
إن من واجبكم أن تساعدوا بعضكم بعضاً في هذا الاستعداد، وأنكم لتجعلون جميعاً من هذا الإضراب تظاهرة شعبية تشمل طول البلاد وعرضها، من تبسة إلى مغنية، ومن الساحل البحري إلى الصحراء.
يا أبناء الأمة الجزائرية من عمال وفلاحين وتجار وموظفين طلبة وتلاميذ، رجالاً ونساء وأطفالاً.. إنكم ستبعثوها صرخة مدوية في وجه الاستعمار، صرخة تنبعث من أعماق ثورتنا العظيمة عندما تنفذون إضرابكم التاريخي الأكبر، وإن القيادة العليا لجيش وجبهة التحرير الوطني الجزائري توصيكم بجمع حاجياتكم لهذه المدة، أعينوا بعضكم بعضاً.
شيدوا بناء الأمة الجزائرية الحرة المستقلة بالكفاح والتضامن.
أيها الجزائريون، أيتها الجزائريات:
إن نجاح هذا الإضراب سيكون معناه أمام العالم أنكم تعتبرون وفد جيش وجبهة التحرير الوطني هو المتكلم الأوحد لشعب الجزائر المناضل.
إن تنفيذكم للإضراب الثوري العظيم بما فيه من نصب المكامن في الطرق، ومن التخريب والاشتباكات والهجومات على المدن والمراكز العسكرية ؛ سوف يكون الخطوة الحاسمة على سبيل النصر العظيم.
أيها الشعب الجزائري:
لتقف صفاً واحداً متراصاً وراء جيشك الفتي، وجبهتك العتيدة، لينجح إضرابك العظيم، العزة للأبطال، والمجد للشهداء.
يحيا جيش وجبهة التحرير الوطني، تحيا الجزائر حرة مستقلة.(2)
مراجع الحلقة الخامسة والتسعون بعد المائتين:
)) بوعلام حمودة، الثورة الجزائرية، ص 393.
(2) المصدر نفسه ص 398.
ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: