تخزين التموين خلال الثورة الجزائرية
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 297
بقلم: د. علي محمد الصلابي
ذو القعدة 1443 ه/ يونيو 2022م
شرع نظام الثورة في أوائل سنة 1957م في تنفيذ خطة بناء المخابأئ «الكازمات» في أعماق الغابات، لخزن الحبوب من القمح والشعير وبقية مختلف مواد التموين الأخرى المتنوعة، من المعلبات والعجائن والأدوية والملابس والأسلحة والذخيرة والوثائق..الخ
وكان حفر وتهيئة هذه المخابأئ وبناؤها ينجز من قبل أشخاص من الجنود ذوي الخبرة والأمانة والسيرة والثقة في أفواج الأشغال «الجيني»، المشكّلة في كل قسم للقيام بهذه المهمة، وقد عين المجاهد لخضر بوالشمة الذي كانت له تجربة وخبرة في هذا الميدان لمتابعة ومراقبة أعمال بناء المخابأئ في جميع أقسام الناحية 221 بالميلية، وتتوزع مخابأئ الخزن على كل غابات الجبال في الدواوير، عبر الأقسام في شرق الوادي الكبير وغربه، ليسهل استغلالها في حالات حصار العدو، وعزلة الطبيعة.(1)
وكل عمليات الإنجاز والتخزين والتوزيع تجري في سرية تامة من قبل أشخاص معينين خاصين، ومساحات المخابأئ في الداخل منظمة ومتقنة وواسعة كالبيوت، ولها منافذ وثقب صغيرة للتهوية، وكان لكل إدارة ومجلس ومنظمة محطة مخابأئ خزنها الخاصة بها.(2)
وفضلاً عن مخابأئ التموين، كانت هنا وهناك وهنالك سواء في المدن أو القرى وفي السهول والجبال مخابأئ مخصصة لإيواء الأشخاص، وبالخصوص خلال عمليات شال ما بين 1959م إلى 1962م.
وكانت تعليمات نظام الثورة تؤكد بقوة على ضرورة بناء ووجود «كازمات» للأشخاص بسرية تامة، لكل منظمات وأفواج الفرق المقلة والموزعة منها إلى درجة التهديد بالعقاب، وقد استغل الأفراد والمنظمات في هذا الغرض ـ أي مثل الكازمات الغيران والكهوف والصخور الطبيعية في الجبال والشعاب والوديان وجروف شواطأئ البحر، والأنفاق المنجمية وأكوام الحجارة والقرط والتبن وغيرها.(3)
ومع كل ما تقدم من الاحتياطات، فإن المخابأئ كلها معرضة لخطر كشف العدو في كل زمان ومكان، وهذا إما أن يكون عن طريق الصدفة بسبب التفتيشات الدقيقة، أو العثور على وجود الاثار على الأرض، أو بوشاية الخونة والمستسلمين، أو باعترافات الأسرى من النظام والمقبوض عليهم من الشعب.
وقد استشهد أو أسر أو جرح العديد من أفراد النظام في مثل هذه الحالات بالمخابأئ، وفي سياق الحديث عن المخابأئ، فإن الثورة كانت توجه الشعب وتدعوه بل وتأمره ببناء المخابأئ وحفر الخنادق قرب الديار، للوقاية والاحتماء من الغارات الجوية وقنابل المدافع منذ أوائل الثورة.(4)
وظاهرة خزن التموين في جوف الأرض والزيت بصفة خاصة في الدواوير بالجبال ؛ قد عرفها وعاشها الناس من قبل، وهي تعود إلى أيام الحرب العالمية الثانية، خوفاً من التفتيشات العدوانية للقومية الذين كونتهم سلطات الإدارة الاستعمارية الفرنسية في ذلك الوقت.
شبكة توزيع التموين:
رغم كثرة المراكز وتنوعها وانتشارها وتباعد المسافات فيما بينها وقلة وسائل النقل ومضايقات العدو ؛ فإن توزيع التموين على المراكز داخل كل قسم كان يتم بصورة يومية دائمة من قبل شبكة التوزيع التابعة للجنة المكلفة بذلك في فرع التموين، وهذا في الأحوال العادية وحسب الإمكان، أو من قبل المجالس الشعبية للدواوير التي تساهم في تخفيف حدة النقل بواسطة الشعب أو المقاومين العاملين في التموين. وفي تقرير الشهر يجمع المدخول للمحطة والخروج إلى مراكز منظمات الثورة.(5)
مراجع الحلقة السابعة والتسعون بعد المائتين:
)) علي بوداري، نافذة على اقتصاد الثورة،ص 156.
(2) المصدر نفسه ص 157.
(3) المصدر نفسه ص 157.
(4) المصدر نفسه ص 158.
(5) المصدر نفسه ص 159 ـ 161.
ـ يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: