السبت

1446-12-18

|

2025-6-14

ليبيا كقاعدة لوجستية للثورة الجزائرية

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 313

بقلم: د. علي محمد الصلابي

ذو الحجة 1443 ه/ يوليو 2022م

أصبحت ليبيا قاعدة خلفية ولوجستية وسياسية للثورة الجزائرية، حيث كانت بها مستودعات الأسلحة، ومراكز التدريب، وشبكات التسليح، كما وفرت إقامة خاصة لقادة جبهة التحرير وأمّنت تنقلاتهم، وأصبحوا يتصرفون بكل حرية دون مراقبة أو إزعاج. وللإشارة فإن شبكات التسليح بليبيا لم تتلق أية ضغوطات ولم يجمد أي نشاط للثورة بها عكس ما كان يحدث في بعض ـ البلدان الأخرى ـ وبذلك احتلت ليبيا مكانة رائدة في مجال دعم الأسلحة لصالح الجزائر.(1)

وقد أشار رئيس الجزائر الأول أحمد بن بلة الذي أجرى انذاك اتصالات بالحكومة الليبية والفعاليات الشعبية: إن حركة التحرير الجزائرية قد اتصلت بالحكومة الليبية منذ وقت مبكر، وإن التعاون مع الحكومة الليبية كان قائماً، والمساعدات كانت حقيقة، ولكنها تعطى لنا في سرية مطلقة.. ويشير بن بلة أن ثورة أول نوفمبر 1954م التي انطلقت بقليل جداً من السلاح يتراوح ما بين 350 إلى 400 قطعة من البنادق الإيطالية، وصلت سراً من ليبيا عن طريق غدامس إلى بسكرة، وبقيت مخبأة لمدة طويلة مثلما ذكرنا ذلك سابقاً.

وقد كان عبد العزيز شوشات يتولى رئاسة مكتب تونس في طرابلس، وكان على الزليطي مسؤول المكتب نظرياً، لأن العنصر النشيط والبارز هو عبد العزيز شوشات، وقد ضم المكتب أشخاصاً لاجئين وفدوا إلى طرابلس، وشكل بهم عبد العزيز شبكة للتسليح، وقد اقتفى الجزائريون أثرهم وتعاونوا معهم لاستخدام شبكاتهم لتمرير وتهريب السلاح إلى الجزائر، ومن أعضاء الشبكة نذكر محمد بوعزة، ومحمد عرعار، وعمر البرجي، وهم من بين الجزائريين الذين تم تسليحهم بأسلحة جمعت من صحراء طرابلس بفضل الشبكة التونسية، بحكم أنهم من السابقين في مجال تكوين شبكات التموين والتسليح. ومن أنواع الأسلحة التي كانت تجمع: الخماسي الألماني، والستاتي الإيطالي، والعشاري الإنجليزي، والرشاشات من نوع «ستارن».

وتجدر الإشارة إلى أن عملية تهريب الأسلحة إلى الجزائر تمت بمعرفة الجزائريين أو بالتنسيق معهم ؛ بحيث يتم نقلها من ليبيا عبر مسلك زوارة بواسطة الشاحنات، ثم بن قردان لتصل إلى الأرضي التونسية، ومنها إلى الجزائر عن طريقين هما(2):

ـ ولاية شمال قسنطينة عبر سوق أهراس بوسائل مختلفة.

ـ ولاية الأوراس بواسطة الجمال عبر ممر الجرف بأقصى الجنوب.

وأحياناً أخرى كان السلاح ينتقل بواسطة الشاحنات الكبيرة عبر الأراضي الليبية، ثم بواسطة الجمال عبر الصحراء بعد غلق ممر أهراس.

وتجدر الإشارة أن استعمال الأراضي الليبية لنقل الأسلحة من المشرق كان يتم تحت رقابة الحكومة الليبية، وبتغطية منها. وذلك بأمر من الملك إدريس السنوسي نفسه. كما بذل مدير عام الشرطة بطرابلس عبد الحميد بيّ درنة قصارى جهده لتسهيل عملية نقل السلاح، كما كانت تدخلاته تبعث الطمأنينة في نفوس المهربين الليبيين.

إن نجاح عمليات التهريب الأولى دفع بالحكومة الليبية إلى إرسال برقية إلى أعضاء الجبهة بالقاهرة عن طريق سفارة تونس تدعوهم إلى إرسال ممثل عنهم إلى طرابلس، وبذلك تم تعيين السيد محمد خيضر لهذه المهمة، ومن جهة أخرى لجأت السلطات الفرنسية إلى تشديد الرقابة للحدّ من عمليات تهريب السلاح، حيث كثفت من نشاطها بواسطة دوريات عسكرية على الحدود الليبية التونسية، إضافة إلى نشاط الضابط «جايلز» البريطاني إلى منطقة غريان بغرض التصدي لعمليات التهريب، متستراً بحجة القيام بمناورات في المنطقة، ولولا تدخل مدير عام الشرطة بطرابلس عبد الحميد بيّ درنة الذي أوقف عملية التفتيش التي كان رجال «جايلز» يقومون بها لانكشف أمر السلاح المخزن بالمنطقة.(3)

واستمر نقل السلاح من مصر براً تارة عن طريق شاحنات التجار الليبيين المتنقلين بين مصر وليبيا بانتظام، وقد كان بينهم رجل الأعمال عبد الله عابد السنوسي، الذي وافق على عملية حمل السلاح بعد التنسيق مع السلطات المصرية والليبية.(4)

مراجع الحلقة الثالثة عشر بعد الثلاثمائة:

)) أحمد توفيق مدني، حياة كفاح (3/357)

2)) الطاهر جبلي، الإمداد بالسلاح خلال الثورة الجزائرية، ص 353، 354، 355.

(3) المصدر نفسه ص 356.

(4) المصدر نفسه ص 358.

يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي

الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى

alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF

الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf

الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي

alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf

كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:

http://alsallabi.com


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022