(استقبال الحكومة المؤقتة الجزائرية في المغرب ... صفحات من كفاح الشعب الجزائري)
من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):
الحلقة: 326
بقلم: د. علي محمد الصلابي
صفر ١٤٤٤ه/ سبتمبر ٢٠٢٢م
ورغم الدعم المعنوي الذي لاقته القضية الجزائرية من طرف الحكومة المغربية، إلا أن هناك خلافاً ظهر بين جبهة التحرير الجزائرية والحكومة المغربية حول قضية الحكومة الجزائرية المؤقتة، حيث تمسكت الحكومة المغربية مثل تونس بفكرة أن يتم الإعلان عن ميلاد الحكومة المؤقتة، بموافقتها المسبقة، وحق مساهمتها في إبداء الرأي حول تشكيلة الحكومة الجزائرية، لكن جبهة التحرير الوطني عارضت ذلك، ورأت أن المغرب الأقصى مثل تونس لها حق الاستشارة والاطلاع فقط، وأن تأسيس الحكومة المؤقتة الجزائرية من صلاحيات لجنة التنسيق والتنفيذ الجزائرية وحدها، وهذا بناء على ما أقرته وقررته هيئات الثورة الجزائرية.(1)
انطلاقاً من اعتبار الإعلان عن قيام الحكومة الجزائرية قضية جزائرية داخلية، وبناء على توصيات مؤتمر طنجة 1958م ؛ أعلمت لجنة التنسيق والتنفيذ الجزائرية الحكومة المغربية بخبر الإعلان عن قيام الحكومة المؤقتة، وبناء على أهمية المغرب الأقصى من الناحية الغربية للجزائر، فقد أعلن عن نبأ تأسيس هذه الحكومة في كل من القاهرة والرباط هذا إلى جانب تونس، على الساعة الواحدة بعد الظهر بتوقيت الجزائر، ليأتي الاعتراف الرسمي للمغرب الأقصى بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
لكن هذه الخلافات لم تؤثر على مسار العلاقات المغربية الجزائرية، وبقي التواصل الأخوي بين الشعبين واستمر الدعم المعنوي المغربي للقضية الجزائرية، وقد برهن زعماء الثورة الجزائرية في مرات عديدة عن العلاقة الحميمية التي تربطهم بالمغرب الأقصى، وقد جسدوا هذا الشعور في تلبيتهم لطلب الحكومة المغربية بإطلاق سراح الفرنسيين الذين تم إلقاء القبض عليهم من طرف الثورة في ترابها، وهو ما قام به الهلال الأحمر الجزائري في شهر فبراير عام 1959م.
وبحلول شهر مارس من عام 1960م استقبل العاهل المغربي الملك محمد الخامس في مراكش وفداً حكومياً جزائرياً، عرض عليه المضايقات التي يتلقاها الجزائريون من طرف القنصليتين الفرنسيتين المتواجدتين في كل من وجدة وبوعرفة، وقد استجاب الملك محمد الخامس لطلب الوفد الجزائري وأمر بغلق القنصليتين مباشرة، وهذا ما دفع برئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة السيد فرحات عباس إلى القيام بزيارة عمل إلى المغرب الأقصى، حيث صرح على ضوء ذلك بما يلي: إن الجزائر هي المغرب، وإن تضامننا أبدي، وإن الصحراء هي مسألة تهم الجزائر والمغرب فقط، ولا تهم من بعيد أوقريب الاستعمار الفرنسي.(2)
وقد استمرت العلاقات الأخوية بين الحكومتين مرة أخرى في التزايد من خلال الزيارة التي قام بها السيد بن يوسف بن خدة رئيس الحكومة المؤقتة الثالثة إلى المغرب الأقصى، والتي دامت من 4 جانفي إلى 1 فبراير من عام 1962م، والتي نتج عنها التصريح المهم الذي تناول النقاط الأساسية التالية:
ـ تم إطلاع الحكومة المغربية على جميع جوانب الثورة.
ـ إطلاع المغرب الأقصى على المشاكل المرتبطة بتفاوض محتمل بين السلطات الاستعمارية الفرنسية والجزائر.
ـ تأكيد المغرب الأقصى على التضامن وإعانة الشعب الجزائري في كفاحه من أجل استقلاله ووحدته الوطنية وحرمة ترابه.
ـ اعتراف الشعب الجزائري بالجميل وبتأييد المغرب الأقصى وملكه لقضية تحرير الجزائر.
ـ تقدير الجزائر للجهود المبذولة من طرف المغرب الأقصى بقيادة الملك محمد الخامس لتحرير الزعماء الجزائريين المختطفين المسجونين في فرنسا وإشراكهم في الحوار.(3)
لقد قامت المغرب ملكاً وشعباً بالمساندة المطلوبة والمناصرة الرائعة لقضية الشعب الجزائري والوقوف معه في محنه، ودعمه مادياً ومعنوياً حتى تحقق نصر الجزائر والعرب والمسلمين والأحرار في العالم، وإعلان الاستقلال والتحرر من الاستعمار البغيض.
مراجع الحلقة السادسة والعشرون بعد الثلاثمائة:
(1) محمد لحسن لزغيدي، مؤتمر الصومام وتطور ثورة التحرير الوطني، المؤسسة الوطنية للكتاب 1989.
(2) دعوة الحق ص 76.
(3) المصدر نفسه ص 76.
يمكنكم تحميل كتب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من موقع د.علي محمَّد الصَّلابي
الجزء الأول: تاريخ الجزائر إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى
alsallabi.com/uploads/file/doc/kitab.PDF
الجزء الثاني: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي وسيرة الزعيم عبد الحميد بن باديس
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC135.pdf
الجزء الثالث: كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي من الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال وسيرة الإمام محمد البشير الإبراهيمي
alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC136(1).pdf
كما يمكنكم الإطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي: