الجمعة

1446-11-04

|

2025-5-2

من كتاب كفاح الشعب الجزائري بعنوان:

الأسباب الحقيقية للاحتلال الفرنسي للجزائر

الحلقة: السادسة والعشرون

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ربيع الأول 1442 ه/ أكتوبر 2020

 

كانت فرنسا مدفوعة في غزوها للجزائر بأسباب عدة، ولكنها ادعت أمام الرأي العام الأوروبي أن هدفها القيام بحملة تأديبية ضد الجزائر، وفي الحقيقة إن فرنسا كانت تخطط لاحتلال الجزائر والاستيلاء عليها منذ (1792م)، أي سنة إبعاد إسبانيا وتصفية قاعدتها العسكرية في المرسى الكبير بوهران، فقد كانت هناك رغبة قوية للتجار الفرنسيين والقيادة السياسية بتلك البلاد أن تحل فرنسا محل إسبانيا في شمال إفريقيا، وتسيطر على هذه المنطقة الغنية بالثروات الطبيعية، وبصفتها موقعاً استراتيجياً هاماً من الناحية العسكرية، فإن الجيش الفرنسي كان يسعى باستمرار لتقوية أسطوله وإنهاء السيطرة الإنجليزية على حوض البحر الأبيض المتوسط، كما أن هناك أسباب عديدة سياسية، ودينية واقتصادية وغيرها. ويمكن تلخيص أهم الأسباب في الاتي:

أ ـ الأسباب السياسية:

وتتمثل في اعتبار حكومة الجزائر تابعة للإمبراطورية العثمانية التي بدأت تنهار، والدول الأوربية تتهيأ للاستيلاء على الأراضي التابعة لها، وخاصة أن الفرنسيين كانوا يعتقدون أنهم سيحصلون على غنيمة تقدر بـ (150) مليون فرنك توجد في خزينة الدّاي. كما أن شارل العاشر ملك فرنسا كان يرغب في خلق تعاون وثيق مع روسيا في حوض البحر الأبيض المتوسط ؛ حتى يتغلب على الهيمنة البريطانية في البحر المتوسط، والتمركز في ميناء الجزائر ؛ الذي كان يعتبر في نظر الملك الفرنسي تابعاً للإمبراطورية العثمانية المنهارة. ثم إن المعارضة التي سيطرت على مجلس النواب في انتخابات (نوفمبر 1827م) ؛ خلقت مصاعب داخلية للملك الفرنسي، الذي كان يعتقد أن الحل الوحيد لإسكات المعارضة هو إحراز انتصار باهر على داي الجزائر، وإذا لم يتمكن من ذلك فإن المعارضة ستحرز انتصاراً آخر في الانتخابات البرلمانية.

ب ـ الأسباب العسكرية:

إن انهزام الجيش الفرنسي في أوروبا، وفشله في احتلال مصر، والانسحاب منها تحت ضربات القوات الإنجليزية في سنة (1801م) ؛ قد دفع نابليون بونابرت أن يبعث بأحد ضباطه إلى الجزائر في الفترة الممتدة من (24 ماي إلى 17 جويلية 1808م) لكي يضع له خطة عسكرية تسمح له بإقامة محميات فرنسية في شمال إفريقيا، تمتد من المغرب الأقصى إلى مصر «مثلما عملت روما في الماضي». وفي عام (1809م) قام هذا الضابط العسكري «بوتان» بتسليم المخطط العسكري لاحتلال الجزائر إلى نابليون، واقترح فيه على الإمبراطور الفرنسي أن يحتل مدينة الجزائر عن طريق البر، ثم التوسع لاحتلال بقية أراضي الجزائر ؛ لأن بقية المقاطعات الجزائرية سوف تتعاون فيما بينها وتطيح بالسلطات الفرنسية في الجزائر العاصمة. وعند انهزام نابليون في معركة واترلو سنة (1815م)، وتحالف الدول الكبرى ضد الجيش الفرنسي في أوروبا ؛ شعر ملك فرنسا أنه من الأفضل أن يعتمد على سياسة التوسع في إفريقيا، ويعمل على إشغال الجيش بمسائل حيوية، تتمثل في إمكانية قيام الجيش بانقلاب ضده في فرنسا. وبالفعل فإن الجيش الفرنسي قد انشغل باحتلال الجزائر، وأقام سلطة عسكرية متينة بهذا البلد إلى غاية (نوفمبر 1954م)، يوم قامت الثورة الجزائرية الأخيرة، ووضعت نهاية لخرافة الجزائر الفرنسية.

ج ـ الأسباب الاقتصادية:

كانت فرنسا تطمع في خيرات الجزائر وثرواتها الطبيعية الوافرة، وتتطلع لتعريف منتجاتها في أسواقها، كما كانت ترغب في التخلص من ديون الجزائر عليها ، وتتمثل بقيمة كميات القمح الوفيرة التي استوردتها فرنسا منها، وسبق تأجيل السداد بمساعدة بعض التجار اليهود في الجزائر. وقد كشف القنصل التجاري الفرنسي عن هذه الدوافع الاقتصادية في رسالته التي بعث بها إلى حكومته في باريس، قبيل غزو الجزائر حيث قال:

إن الفوائد المادية التي تعود على فرنسا من غزو الجزائر بغض النظر عن ملايين الفرنكات الذهبية التي تزخر بها الخزانة الجزائرية، أجدى وأنفع لفرنسا من كل عمليات الغزو الاقتصادي التي قامت بها حتى الآن... فهناك سهول طيبة ذات خصب عجيب، ومناجم غنية بالحديد والرصاص وجبال من العناصر المعدنية، كلها تنتظر الأيدي التي تستغلها.

إن الجانب الاقتصادي قد لعب دوراً قوياً في إقدام فرنسا على احتلال الجزائر، ويظهر هذا بوضوح في الدراسة التي نشرها السيد تاليرات في شهر جويلية من عام (1797م)، والتي كان عنوانها محاولة حول الامتيازات التي يمكن الحصول عليها من جراء إنشاء مستعمرات جديدة في الظروف الحالية. وقد طلبت حكومة فرنسا في عهد نابليون بونابرت من قنصلها في الجزائر أن يجيبها بدقة عن بعض الأسئلة المتعلقة بمشروع احتلال الجزائر.

وقد تعاون الرأسماليون الفرنسيون مع رجال الجيش الفرنسي في دفع الحكومة والدولة لاحتلال الجزائر، والاستيلاء على الأرض الخصبة فيها، وزراعة العنب، والبحث عن الذهب في المناجم الجزائرية، واستجابة لهذا المخطط قام الجنرال «كلوزيل» في بداية الاحتلال بإصدار قانون يقضي بتسليم الأراضي الجزائرية الخصبة للمهاجرين الأوربيين، وبرزت قوة التجار والنواب الفرنسيين في تكوين كتلة قوية في البرلمان للدفاع عن مكتسبات الأوربيين في الجزائر، وطرد كل من يحاول مراقبتهم أو الحد من سيطرتهم، وقد أحرزوا نجاحاً هائلاً إلى درجة أنهم استطاعوا شراء أغلب الأراضي المنتجة في سنوات قليلة، وفي أغلب الحالات كان التجار المتلهفون إلى امتلاك خيرات الجزائر يشترون أراض وهم لم يرونها بتاتاً، لأنها تباع لهم من طرف شخص ثالث يكون في العادة يهودياً ـ أو متعاوناً معهم من أجل المال ـ يستحوذ على الدراهم المدفوعة له. والأشخاص الذين كانوا يقومون بالوساطة لبيع الأراضي للفرنسيين في معظمهم يهود، وهم وحدهم الذين رحبوا بقدوم الجيش الفرنسي إلى الجزائر وبرجال التجارة. وليس هناك جدل بأن مجموعة صغيرة من اليهود الذين كانوا يقومون بالوساطة في كل عملية تجارية قد كانت الفئة المستفيدة من غزو الجزائر، لأن الاحتلال الفرنسي قد حقق للجالية اليهودية في الجزائر أمنيتها الكبرى في الثراء السريع دون حسيب ولا رقيب.

د ـ الأسباب الدينية:

فقد رغبت فرنسا في نشر المسيحية في إفريقيا انطلاقاً من الجزائر، وفي هذا الشأن قال وزير الحربية الفرنسية في تقريره الذي قدمه لملك فرنسا «شارل العاشر»: «لقد أرادت العناية الإلهية أن تستأثر جلالتكم في شخص قنصلكم بواسطة ألد أعداء المسيحية، ولعل الزمن يسعدنا بأن ننتهز الفرصة لكي ننشر المدنية بين السكان الأصليين وننصّرهم».

لقد كان للجانب الديني أثر كبير في احتلال الجزائر عام (1830م). فمن الأسباب التي دعت فرنسا إلى الغزو هو دعواها إنقاذ المسيحية والمسيحيين من أيدي «القراصنة الجزائريين» والقضاء على عش القرصنة ـ الجزائر ـ حسب تعبيرها أيضاً. ففرنسا كانت تعتبر نفسها حامية الكنيسة الكاثوليكية، وترى في احتلال الجزائر عملاً هاماً أسدت به إلى العالم المسيحي وشعوب البحر الأبيض المتوسط خدمة كبيرة. فالعامل الديني في الاحتلال نلمسه من الدور الذي لعبه رجال الدين في الحملة، بحيث إن قرار شارل العاشر كان مدفوعاً من الأسقف الكبير وزير الشؤون الدينية فريسوس الذي كانت من ورائه روما، ولا يمكن أن ننسى وزير الحربية في تقرير قدمه للملك شارل العاشر يوم (14أكتوبر 1827) عن آماله في تنصير الجزائر بما يلي : يمكن لنا في المستقبل أن نكون سعداء ونحن نمدن الأهالي ونجعلهم مسيحيين. وكليمون تونير يرى أنه ليس من الغريب أن تكون العناية الإلهية مع الملك ؛ لأن عمله هذا في سبيل الدين، وأكد الملك شارل ذلك حينما خاطب كل أساقفة المملكة قائلاً لهم: إن مرادنا أن تقيموا صلوات في جميع الكنائس وتطلبوا من الله أن يحمي الراية ويعطينا النصر. ومما يمكن قوله أن الجانب الحكومي سرّ لما سوف يحققه جيش الملك من انتصار، لأنه انتصار في سبيل البعث الديني المسيحي في إفريقيا الرومانية إلى المسيحية على أنقاض القائد الروماني سبيون، وخاصة المدن التي ازدهرت في العهد الروماني اللاتيني.

وأمام هذه النشوة علقت الصحافة اليسارية على هذا الطابع الديني للاحتلال، وذكرت أن عمل القنصل دوفال كان بوحي من الفاتيكان، وكذلك الحال لعمل بكري وبوشناق اليهوديين، فروما استبشرت خيراً بغزو الجزائر، واعتبرته عملاً مقدساً لفائدة المسيحية.

وقد جاء في المعاهدة التي كتبت في (5 جويلية 1830م) التي حرّرها قائد الحملة دوبورمون ووقعها الدّاي حسين: أن السلطات الفرنسية ستحترم الأملاك والنساء والديانة، لكننا نجد الجنرال دوبورمون يخطو خطوة إلى الوراء يدفعه في ذلك التعصب الديني، فبعد سقوط مدينة الجزائر بأيدي الفرنسيين سارع دوبورمون إلى إقامة صلاة بالقصبة، شارك فيها الجيش ورجال الدين وخطب فيهم قائلاً: لقد أعدتم معنا فتح باب المسيحية لإفريقيا، ونتمنى في القريب أن نعيد الحضارة التي انطفأت فيها منذ زمن طويل. ويروي بعضهم قائلاً: إن الاحتفال الذي جرى في العقبة التي بناها أبناء محمد (ص) لمواجهة أبناء عيسى عليه السلام قد رتلوا الأناجيل عالية أمام آيات القرآن التي أصبحت ميتة والتي كانت تغطي الجدران.

وفي نفس الوقت كان الملك شارل العاشر يحضر قداساً في كنيسة نوتردام دي باري، يحمد الله الذي نصره على الأعداء.

إن الجنرال دوبورمون أخذ على نفسه بأن يعمل بالمعاهدة فيحترم الديانة الإسلامية ومقدساتها، وقد نص البند الخامس من المعاهدة على حرية العمل بالدين الإسلامي واحترام كل شيء يرمز إليه، كما نص هذا البند على احترام الممتلكات، لكن هذه المعاهدة بقيت حبراً على ورق، لأن الفرنسيين خرقوا هذه المعاهدة باستيلائهم على أمكنة العبادة وتحويلها إلى كنائس وثكنات، وباستيلائهم على الأوقاف والزوايا، وتجرؤوا كذلك على نبش القبور لاستخراج الاجر والأحجار للبناء، ولأخذ عظام الموتى لصنع السماد وبيعها في مدينة مرسيليا.

ويعترف الفرنسيون بما قام به الجيش حينما دخل مدينة الجزائر، فالجنرال لاموريسيير المعروف بتدينه يقول: حللنا بمدينة الجزائر فاتخذنا من المدارس مخازن وثكنات واصطبلات، واستحوذنا على أملاك المساجد والمدارس، وكنا نعتقد أننا سنعلم الشعب العربي مبادئ الثورة الفرنسية، ولكن للأسف أن المسلمين رأوا في ذلك ضربة للدين والعقيدة.

إن عودة الكنيسة إلى الحياة السياسية في عهد شارل العاشر قد سمحت بنشاط الإرساليات التبشيرية في فرنسا وخارجها، وساعدت على خلق جو ديني، وانعكست اثاره على احتلال الجزائر سنة (1830م)، واتضحت هذه الاثار في الطابع الديني الذي اكتسبته هذه الحملة والنزعة الصليبية التي اتصف بها المسؤولون. وبعد الاحتلال لم تعمل السلطات على احترام الديانة الإسلامية كما جاء في اتفاقية جويلية (1830م) عند استيلائها على المساجد والمؤسسات وهدمها دون احترام المشاعر الدينية للسكان، وكان هذا بمثابة تدخل في شؤونهم الدينية، ويمكن أن نعتبره ـ في نظرنا ـ وجهاً من أوجه التبشير التي تتعدد وسائله ومظاهره، وسوف يحاول المسؤولون ورجال الدين تنفيذه لتثبيت السلطة الفرنسية في الجزائر، ولاسيما بعد تأسيس الأسقفية وتوافد رجال الدين عليها.

ه ـ ادعاء فرنسا أنها احتلت الجزائر لكي تضع حداً لأعمال القرصنة البحرية:

في ذلك الوقت كانت القرصنة البحرية عملاً مشاعاً لجميع الدول، ومنها فرنسا وإسبانيا والبرتغال وهولندا وسردينيا ؛ التي كانت أساطيلها تمارس القرصنة البحرية، وكان القراصنة الأوربيون يمارسون الوحشية في معاملة أسراهم، إذ كانوا يدمغونهم بالحديد المحمي في النار، ويقتلون البعض الاخر بدون رحمة أو شفقة، أما البحارة الجزائريون فكانوا يهاجمون السفن التابعة للدول المعادية لبلادهم، وعلى هذا الأساس لا يمكن اعتبارهم «قراصنة» لشرعية أعمالهم وضرورة تأمين سلامة مياه بلادهم الإقليمية.فضلاً عن أن الجزائريين كانوا يعاملون أسراهم معاملة إنسانية كأسرى حرب، ومما يذكر أن دول أوروبا البحرية كانت تدفع للجزائر إتاوات معينة مقابل حراسة الأسطول الجزائري لسفنها ومنع القراصنة من التعرض لها، فكانت إنجلترا ترسل مع كل قنصل جديد مبلغ ستمئة جنيه إسترليني ذهباً كهدية لحكومة الجزائر، وكانت السويد والدنمارك تدفع إتاوة سنوية قدرها (6400) قرش جزائري، وتدفع صقلية والبرتغال (2400) قرش كل عام وذلك عدا الهدايا التي كان يجلبها معه كل قنصل جديد، ويظهر ذلك من خلال ذكر أهم الأسباب التي دفعت بفرنسا إلى شن هجوم على الجزائر واحتلالها، وأن حادثة المروحة ما هي إلا ذريعة لمحاصرة عاصمة الجزائر وإجبار الدّاي على الاستسلام، ويظهر هذا بوضوح في تصرف الكومندان كولي الذي أرسلته فرنسا على رأس قوة بحرية في (11 جوان 1830م) لمطالبة الدّاي بتقديم الاعتذارات إلى قنصل فرنسا في الجزائر على ظهر سفينة فرنسية، ويرفع العلم الفرنسي فوق حصون مدينة الجزائر، وعلى الأخص فوق قصر الدّاي، وفي مقر البحرية ثمّ توجيه التحية للعلم الفرنسي بمئة طلقة مدفعية جزائرية، وقد أنذر الضابط الفرنسي الدّاي بأن عدم الاستجابة لهذه المطالب في ظرف (24) ساعة يعني إعلان الحرب على الجزائر، وبالفعل فقد رفض الدّاي هذه الشروط المجحفة والمهينة، وبذلك أعلنت فرنسا الحرب على الجزائر يوم (16 جوان 1827م).

و ـ الظروف الدولية المواتية:

استغلت فرنسا الجو الدولي، فقد انهزم الأسطول التركي بالقرب من الميناء الإغريقي نافاران في أثناء حرب استقلال اليونان (20 اكتوبر 1827م).

ـ تقبل القيصر نيكولا الأول للحملة ضد الجزائر ؛ لأن الضربة قد تضعف السلطة العثمانية وتؤمن حرية الملاحة في البحر الأبيض المتوسط.

ـ وقوف ملك بروسيا المواقف نفسها.

ـ عدم معارضة دول شمال أوروبا.

ـ قبول ملك نابولي لإبحار سفن رعاياه في خدمة الجيوش الفرنسية من موانىء بلده.

ـ حياد باي تونس تجاه الخلاف الجزائري الفرنسي منذ سنة (1828م)، خلافاً لتضامن الشعب التونسي مع الجزائر، كما يريد في الحقيقة توسيع أراضيه ويسعى إلى وضع أخيه كداي على رأس الجزائر.

تجدر الإشارة إلى أن باشا طرابلس يوسف القرمانلي عبّر في رسالة عن تضامنه مع الدّاي حسين، وأن ملك إسبانيا فرديناد السابع تحفظ تُجاه الحملة الحربية ؛ نظراً إلى معاهدته التجارية مع الدّاي حسين، وإلى احترامه لمعارضة بريطانيا لحملة فرنسا على الجزائر، ولسعيها لإيجاد حل سلمي، وكانت قد حثت السلطان العثماني على إرسال شخصية إلى الجزائر قصد إقناع الدّاي حسين بقبول الحل السلمي، ولقد أوفد السلطان السيد طاهر باشا، إلا أن السلطات الفرنسية منعته من الاتصال بالدّاي، وفي (30 ماي 1830م) رفضت فرنسا استقبال مبعوث السلطان العثماني سليم الثالث الذين أراد أن يجد حلاً سلمياً للخلاف بين فرنسا والجزائر، وقد فسرت السلطات الفرنسية ذلك الموقف بوجود الحصار لميناء الجزائر، والحقيقة هي أن القرار السياسي المتعلق باحتلال الجزائر قد اتُخذ فأعلنه الملك في اليوم الثاني من (مارس 1830م) عند افتتاح دورة غرفة النواب.

ز ـ الخيارات التي عرضت على مجلس الوزراء الفرنسي قبل البدء في غزو الجزائر:

وقد ناقش الوزراء الفرنسيون الخيارات التالية:

ـ الإبقاء على الدّاي في حكم الجزائر، على أن تشرف فرنسا عليه من الناحية العسكرية فيحدد له عدد الجيش والأسطول الذي يستطيع الاحتفاظ به.

ـ أو إعادة الجزائر إلى الدولة العثمانية مع إقامة حكومة منظمة فيها تضمن احترام الملاحة الأوروبية في البحر المتوسط.

ـ أو أن تتقاسم فرنسا الجزائر مع الدول الأوروبية وخاصة إنجلترا.

ـ أو أن تحتل فرنسا الجزائر بصورة دائمة، وتقوم باستغلالها اقتصادياً.

وقد تم الاتفاق على الرأي الأخير.


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022