الأربعاء

1446-11-02

|

2025-4-30

(تحالف قادة الجيش والمستوطنين ضد ديغول)

من كتاب كفاح الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي(ج3):

الحلقة: 377

بقلم: د. علي محمد الصلابي

جمادى الأولى 1444ه/ ديسمبر 2022م

 

تحالف قادة الجيش وزعماء المستوطنين الأوربيين بالجزائر ضد ديغول، وأعلنوا عن معارضتهم لأي تفاوض مع جبهة التحرير الوطني الجزائري. وفي يوم 18 يناير 1960م أعلن الجنرال «ماسو» في حديث له مع جريدة ألمانية بأن الجيش قد ارتكب غلطة عندما اختار ديغول ودعمه من أجل الوصول إلى السلطة في فرنسا. واستاء ديغول من تصريح «ماسو» واستدعاه إلىباريس لتعيينه في وظيفة ثانوية بفرنسا.

وفي يوم 22 يناير 1960م طار الجنرال «شال» إلى باريس، وطالب «ديغول» بعودة الجنرال «ماسو» إلى الجزائر لأن الدماء تسيل هناك بغزارة إذا لم يعد الجنرال «ماسو» إلى منصبه. وبالفعل فقد أقام الأوربيون المتاريس في الجزائر العاصمة، وتعاهدوا على العمل من أجل الإطاحة بحكومة ديغول إذا لم يتراجع عن فكرة تقرير المصير التي أعلن عنها يوم 16 سبتمبر 1959م.

وحسب خطة الأوربيين، فإن الغاية من التمرد الذي قاموا به ابتداء من يوم 22/1/1960م هو الإطاحة بديغول وتعيين الجنرال «شال» في مكانه، لكن ديغول لم يستسلم ولم يخضع لقادة الجيش وقادة الجالية الأوربية في الجزائر، وخرج منتصراً من المواجهة معهم في يناير 1960م، لأن الرأي العام الفرنسي لم يؤيد المتمردين في الجزائر، والجنود استجابوا لنداء «ديغول»، وعملوا من أجل إعادة الأمن إلى نصابه مثلما طلب منهم رئيس دولتهم.

وابتداء من أول فبراير 1960م شرع «ديغول» في تنقية الأجواء، وإبعاد القادة العسكريين عن السياسة، وخاصة أولئك الذين أظهروا تعاطفاً مع زعماء الجالية الأوربية بالجزائر، مثل المكتب الخامس الذي كان تابعاً للجيش وقادته متحالفون مع زعماء الجالية الأوربية بالجزائر، وكان قد لعب دوراً هاماً في التأثير والضغط على المسلمين الجزائريين لكي لا يقبلوا تقرير المصير الذي اقترحه «ديغول».

وفي يوم 4 فبراير 1960م اتخذ ديغول إجراءً هاماً يتمثل في نزع السلطات المعطاة للجيش لكي يحل محل الشرطة في القيام بعمليات التعذيب وإلقاء القبض على الجزائريين بدون مراقبة قضائية، وأعاد تلك السلطات الأمنية إلى رجال الشرطة الذين يعملون ويخضعون لسلطات الولاة أو الحكومة.

وبهذه التغييرات الهامة في الجيش، وإبعاد قادته عن السياسة، وتحويل الجنرال «شال» إلى أوربا ؛ بدأ ديغول يتحرك بحرية تجاه قادة الثورة الجزائرية لكي يستدرجهم إلى إجراء مفاوضات أولية، والتعرف على وجهات نظرهم في كيفية إيقاف عملية الاقتتال، والتوصل إلى حل سلمي للمشكل الجزائري (1).

 

مراجع الحلقة السابعة و السبعون بعد الثلاثمائة:

(1)عقيلة ضيف الله، التنظيم السياسي والإداري للثورة، ص519


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022