السبت

1446-11-05

|

2025-5-3

من كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار (ج2):

(الأيام الأخيرة في حياة عمر بن عبد العزيز ووفاته رحمه الله)

الحلقة: 195

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

شعبان 1442 ه/ أبريل 2021

1 ـ آخر خطبة خطبها عمر بن عبد العزيز:

كانت آخر خطبة خطبها بخناصرة، فقال فيها: أيها الناس، إنكم لم تخلقوا عبثاً ولن تتركوا سدى، وإن لكم معاداً ينزل الله فيه للحكم فيكم، والفصل بينكم، وقد خاب وخسر من خرج من رحمة الله التي وسعت كل شيء، وحرم الجنة التي عرضها السموات والأرض، ألا واعلموا أنما الأمان غداً لمن حذر الله وخافه، وباع نافداً بباقٍ، وقليلاً بكثير، وخوفاً بأمان، ألا ترون أنكم في أسلاب الهالكين، وسيخلفها بعدكم الباقون كذلك حتى ترد إلى خير الوارثين.
وفي كل يوم تشيعون غادياً ورائحاً إلى الله قد قضى نحبه وانقضى أجله، فتغيبونه في صدع من الأرض، ثم تدعونه غير موسد ولا ممهد، قد فارق الأحبة، وخلع الأسباب، فسكن التراب وواجه الحساب، فهو مرتهن بعمله، فقير إلى ما قدم، غني عما ترك، فاتقوا الله قبل نزول الموت وانقضاء مواقعه، وايم الله إني لأقول لكم هذه المقالة وما أعلم عند أحد من الذنوب أكثر مما عندي، فأستغفر الله وأتوب إليه، وما منكم من أحد تبلغنا عنه حاجة إلا أحببت أن أسد من حاجته ما قدرت عليه، وما منكم أحد يسعه ما عندنا إلا وددت أنه سداي ولحمتي، حتى يكون عيشنا وعيشه سواء، وايم الله لو أردت غير هذا من النضارة والعيش، لكان اللسان مني به ذلولاً عالماً بأسبابه، ولكنه مضى من الله كتاب ناطق وسنة عادلة، يدل فيها على طاعته، وينهى عن معصيته.
ثم رفع طرف ردائه فبكى حتى شهق، وأبكى الناس حوله، ثم نزل فكانت إياها لم يخطب بعدها حتى مات رحمه الله.

2 ـ سقيه السم:

اختلفت الروايات عن سبب مرض وموت عمر بن عبد العزيز؛ فعلى حين تذكر الروايات أن سبب مرضه وموته هو الخوف من الله تعالى والاهتمام بأمر الناس كما روي عن زوجته فاطمة بنت عبد الملك، وكما ذكر ابن سعد في الطبقات عن ابن لهيعة، إلا أنه قد ذكر سبب آخر لموته؛ وهو: أنه سقي السم، وذلك أن بني أمية قد تبرموا وضاقوا ذرعاً من سياسة عمر بن عبد العزيز التي قامت على العدل، وحرمتهم من ملذاتهم وتمتعهم بميزات لا ينالها غيرهم، بل جعل بني أمية مثل أقصى الناس في أطراف دولة الإسلام، ورد المظالم التي كانت في أيديهم، وحال بينهم وبين ما يشتهون، فكاد له بعض بني أمية بوضع السم في شرابه.
وهذا ليس من المستبعد أو المستغرب أن يعمد أحد هؤلاء إلى سقيه السم ليتخلص منه، وليكن ذلك عن طريق خادمه الذي يقدم له الطعام والشراب، فقد روي: أنهم وعدوا غلامه بألف دينار وأن يعتق إن هو نفذ الخطة، فكان الغلام يضطرب كلما هم بذلك، ثم إنهم هددوا الغلام بالقتل إن هو لم يفعل، فلما كان مدفوعاً بين الترغيب والترهيب حمل السم فوق ظفره، ثم لما أراد تقديم الشراب لعمر قذف السم فيه ثم قدمه إلى عمر، فشربه ثم أحس به منذ أن وقع في بطنه.
وعن مجاهد قال: قال لي عمر بن عبد العزيز: ما يقول الناس في؟ قلت: يقولون: إنك مسحور. قال: ما أنا
بمسحور، ثم دعا غلاماً له فقال له: ويحك ما حملك على أن تسقيني السم؟ قال: ألف دينار أعطيتها وعلى أن
أعتق، قال: هاتِ الألف، فجاء بها فألقاها عمر في بيت المال. وقال: اذهب حيث لا يراك أحد.
فالسبب المباشر لمرضه وموته هو ـ كما ذكرت الروايات ـ كان بسبب سقيه السم، ففي عفوه عن غلامه الذي وضع له السم وتسبب في قتله وهو قادر على أن يقتله شر قتلة، وفي عدم استفهامه من الغلام عن من أمره بوضع السم وقد كان يستطيع إرغام الغلام والاعتراف بذلك ثم يأمر بالقصاص منهم جميعاً، مثل عجيب في العفو، وسبب ذلك لأنه كان يوقن أن ما عند الله خير، وأنه إن عفا عنه حصل له الثواب من الله تعالى على عفوه، وإن انتصر منه فأقام عليه الحد لم يأثم، ولكنه لا يحصل على أجر العفو، ونظراً إلى أن أغلى شيء عنده في هذه الحياة أن يرتفع رصيده من الحسنات؛ فإنه قد فضل العفو على انتصاره للنفس.

3 ـ شراء عمر موضع قبره:

بلغ من تواضع عمر بن عبد العزيز رحمه الله: أنه عندما ذكروا له ذلك الموضع الرابع في حجرة عائشة، والتي فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فقالوا: لو دنوت من المدينة حتى تدفن معهم، قال: والله لا يعذبني الله عذاباً ـ إلا النار فإني لا صبر بي عليها ـ أحب إلي من أن يعلم الله من قلبي أني أراني لذلك أهلاً.
ويأبى أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ إلا أن يشتري موضع قبره من ماله الخاص، وذلك بسبب ورعه ومحاسبته الشديدة لنفسه، فقد جاءت الروايات: أنه قال لمن حوله ـ وهو في مرض موته ـ: اشتروا من الراهب موضع قبري، فقال له النصراني: والله يا أمير المؤمنين إني لأتبرك بقربك وجوارك، وإنها لخيرة أن يكون قبرك في أرضي، قد أحللتك، ويأبى عمر قائلاً: إن بعتموني موضع قبري وإلا تحولت عنكم، ثم دعا بالثمن الذي اختلفت الروايات في مقداره؛ فقيل: ديناران، وقيل: ستة، وقيل: ثلاثين، دعا بالثمن فوضعه في يد النصراني، فقال أصحاب الأرض: لولا أنا نكره أن يتحول عنَّا ما قبلنا الثمن.

4 ـ وصيته لولي عهده يزيد بن عبد الملك:

كتب عمر بن عبد العزيز إلى يزيد بن عبد الملك ـ وهو في مرض الموت ـ قائلاً: بسم الله الرحمن الرحيم: من عبد الله عمر ـ أمير المؤمنين ـ إلى يزيد بن عبد الملك، السلام عليك:
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فإني كتبت إليك وأنا دنف من وجعي، وقد علمت أني مسؤول عما وليت يحاسبني عليه مليك الدنيا والاخرة، ولست أستطيع أن أخفي عليه من عملي شيئاً، يقول تعالى فيما يقول: {فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ}[الأعراف: 7] فإن يرضى عني الرحيم فقد أفلحت ونجوت من الهول، وإن سخط علي فيا ويح نفسي إلى ما أصير، أسأل الله الذي لا إله إلا هو، أن يجيرني من النار برحمته، وأن يمنَّ علي برضوانه والجنة. وعليك بتقوى الله، والرعية الرعية، فإنك لن تبقى بعدي إلا قليلاً حتى تلحق باللطيف الخبير.
وجاء في رواية:... فإن سليمان بن عبد الملك، كان عبداً من عباد الله، قبضه الله واستخلفني وبايع لي من قبله، وليزيد بن عبد الملك إن كان من بعدي، ولو كان الذي أنا فيه لاتخاذ أزواج، أو اعتقاد أموال كان الله قد بلغ بي أحسن ما بلغ بأحد من خلقه، ولكني أخاف حساباً شديداً ومسألة لطيفة، إلا ما أعان الله عليه، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
لقد نصح عمر بن عبد العزيز ـ رضي الله عنه ـ لولي عهده يزيد بن عبد الملك ما وسعه النصح، وبذل ما يقدر عليه من التخويف والتهديد من عاقبة الأمر، مع ضرب الأمثلة والاعتبار بالسابقين، فقد نصح وبلَّغ أتم البلاغ.

5 ـ وصيته لأولاده عند الموت:

لما حضرت عمر بن عبد العزيز الوفاة دخل عليه مسلمة بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين إنك قد أفغرت أفواه ولدك من هذا المال، فلو أوصيت بهم إليَّ وإلى نظرائي من قومك فكفوك مؤونتهم، فلما سمع مقالته قال: أجلسوني، فأجلسوه فقال: قد سمعت مقالتك يا مسلمة، أما قولك: إني قد أفغرت أفواه ولدي من هذا المال، فوالله ما ظلمتهم حقاً هو لهم، ولم أكن لأعطيهم شيئاً لغيرهم، وأما ما قلت في الوصية؛ فإن وصيتي فيهم: {إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}[الأعراف: 196]. وإنما ولد عمر بين أحد رجلين: إما صالح فسيغنيه ، وإما غير ذلك فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله، ادع لي بَنِيَّ، فأتوه، فلما رآهم ترقرقت عيناه، وقال: بنفسي فتية تركتهم عالة لا شيء لهم ـ وبكى ـ، يا بني إني قد تركت لكم خيراً كثيراً، لا تمرون بأحد من المسلمين وأهل ذمتهم إلا رأوا لكم حقاً، يا بني إني قد مثلت بين الأمرين: إما أن تستغنوا وأدخل النار، أو تفتقروا وأدخل الجنة، فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحبّ إلي، قوموا عصمكم الله، قوموا رزقكم الله.
وجاء في رواية: أن عمر وصى مسلمة أن يحضر موته وأن يلي غسله وتكفينه، وأن يمشي معه إلى قبره، وأن يكون مما يلي إدخاله في لحده، ثم نظر إليه وقال: انظر يا مسلمة بأي منزل تركتني، وعلى أي حال أسلمتني إليه الدنيا، فقال له مسلمة: هذه مئة ألف دينار، فأوصي فيها بما أحببت، قال: أو خير من ذلك يا مسلمة؟ أن تردها من حيث أخذتها، قال مسلمة: جزاك الله عنا خيراً يا أمير، والله لقد ألنت قلوباً قاسية، وجعلت لنا ذكراً في الصالحين.
وفي الأثرين الماضيين دروس وعبر؛ ففي الخبر الأول مثل من ورع أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى حتى في وصيته لأولاده بعد موته، حيث لم يرضَ لنفسه أن يفارق الدنيا وقد حمل ذمته شيئاً لا يدري على أي وضع يكون تنفيذه، فربما تصور أنه لو أوصى بهم أحد أقاربه لأعطاهم من مصدر لا يحل، فيلحقه بذلك شيء من الإثم، فلجأ إلى الله تعالى وفوض أمرهم إليه، لقد تصور في معاملة أولاده وقوعه بين أمرين: أن يغنيهم في الحياة الدنيا، وذلك يمنحهم شيئاً من المال العام للمسلمين، فيتعرض بذلك للفحات النار، أو أن يكتفي بالإنفاق عليهم من المورد القليل الحلال الخالي من الشبهات فيتعرض بذلك لنفحات الجنة، فاختار الطريق الأخير مع ثقته أن لن يضيعهم، وقد أشار إلى أنه ترك لهم السمعة العالية، حيث سيكونون موضع احترام وعطف جميع المسلمين وأهل الذمة، وأكرم بذلك من تركة! إنها تركة عظيمة لا تقدر بها أموال الدنيا عند أصحاب الأفكار النيرة والعقول المبصرة.
وفي قوله: (إنما ولد عمر بين رجلين: إما رجل صالح فسيغنيه الله، وإما غير ذلك فلن أكون أول من أعانه بالمال على معصية الله) لفتة جليلة إلى معية الله تعالى لأوليائه بالحفظ أخذاً من قول الله تعالى: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}، وإشارة إلى أن الأمر المهم أن يبذل الوالد أقصى جهده في تربية أولاده على الصلاح ليحفظهم الله تعالى، وليس المهم أن يسعى في جمع المال لهم حتى يغتنوا من بعده، لأنهم إن لم يكونوا صالحين فسيكون ذلك المال عوناً لهم على معصية الله تعالى.
وأما في الأثر الثاني فيوجه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ابن عمه مسلمة بن عبد الملك إلى التحري في اكتساب المال، ويبين له أن إنفاق المال بالصدقة أو الهدية لا يجعله حلالاً، بل لابد من التحري في كسبه، فإذا لم يكن للإنسان حق فيه وجب عليه أن يرده إلى مستحقيه، ولا يبرئ ساحته أن يتصدق به أو يهديه.

6 ـ وصيته إلى من يغسله ويكفنه:

عن رافع بن حفص المدني أن عمر قال لرجاء: إذا أنا مت وغسلتموني وكفنتموني وصليتم علي وأدخلتموني لحدي، فاجذب اللبنة من عند رأسي، فإن رأيت وجهي إلى القبلة فاحمدوا الله وأثنوا عليه، وإن رأيت قد زويت عنها، فاخرج إلى المسلمين ما داموا عند لحدي حتى يستوهبوني من ربي، قال: فلما وضع في لحده وأقبل باللبن على وجهه جذبت اللبنة من عند رأسه فإذا وجهه إلى القبلة، فحمدنا الله وأثنينا عليه.

7 ـ كراهته تهوين الموت عليه:

قال عمر بن عبد العزيز: ما أحبّ أن يخفف عني سكرات الموت لأنه آخر ما يرفع للمؤمن من الأجر. وفي رواية: ما أحب أن يخفف عني سكرات الموت؛ لأنه آخر ما يكفر به عن المرء المؤمن.

8 ـ حاله لما احتضر:

لما احتضر عمر بن عبد العزيز، قال: اخرجوا عني فلا يبقين عندي أحد. وكان عنده مسلمة بن عبد الملك، فخرجوا، وقعد مسلمة وفاطمة زوجه أخت مسلمة على الباب، فسمعوه يقول: مرحباً بهذه الوجوه، ليست وجوه إنس ولا بوجوه جان، وجاء في رواية:...قالت فاطمة بنت عبد الملك: كنت أسمع عمر يقول في أيام مرضه: اللهم أخفِ عنهم موتي ولو ساعة من نهار، فلما كان اليوم الذي قبض فيه خرجت من عنده، وجلست في بيت بيني وبينه باب، فسمعته يقول: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لاَ يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلاَ فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: 83]. ثم هدأ فجعلت لا أسمع له صوتاً ولا حساً ولا كلاماً. فقلت لوصيف كان يخدمه: لو دخلت على أمير المؤمنين، فدخل وصاح، فقمت ودخلت عليه وقد أقبل بوجهه إلى القبلة وأغمض عينيه بإحدى يديه وأغمض فمه بالأخرى، ومات رحمه الله.
وجاء في رواية: أن عمر بن عبد العزيز لما كان مرضه الذي هلك فيه قال لهم: أجلسوني، فأجلسوه، ثم قال: أنا الذي أمرتني فقصرت، ونهيتني فعصيت، ولكن لا إله إلا الله، ثم رفع رأسه وأحدَّ النظر فقالوا له: إنك لتنظر نظراً شديداً، فقال: إني لأرى حضرة ليست بإنس ولا جن، ثم قبض. وكان نقش خاتمه: عمر بن عبد العزيز يؤمن بالله.

9 ـ تاريخ وفاته:

توفي الخليفة الزاهد عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة لعشر ليال بقين من رجب سنة (101 هـ) على أصح الروايات، واستمر معه المرض عشرين يوماً، وتوفي بدير سمعان من أرض المعرة بالشام بعد خلافة استمرت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، وتوفي وهو ابن تسع وثلاثين سنة وخمسة أشهر، وعلى أصح الروايات كان عمره لما توفي أربعين سنة.

10 ـ ما نسب إليه من كرامات عند موته:

يحكى عن حسين القصار قال: كنت أجلب الغنم في خلافة عمر بن عبد العزيز، فمررت يوماً براعٍ وفي غنمه نحو من ثلاثين ذئباً حسبتها كلاباً، فقلت له: يا راعي ما ترجوه بهذه الكلاب كلها؟ فقال: يا بني إنها ليست كلاباً إنما هي ذئاب. قلت: يا سبحان الله ذئب في غنم لا يضرها، فقال: يا بني إذا صلح الرأس فليس على الجسد من بأس.
ويبدو أن مثل هذه القصص من المبالغات، وإلا فإننا في عهد النبوة وقيام الدولة في المدينة وعهد الخلافة لم نسمع بأن الذئاب كانت ترعى مع الغنم.
وقد رئيت له منامات صالحة، وتأسف عليه الخاصة والعامة، لا سيما العلماء والزهاد والعباد.

11 ـ ما قيل فيه من رثاء:

أ ـ قال فيه كثير عزّة:

عمّت صنائعُه فعـمَّ هلاكُه
والناسُ مأتمُهُم عليه واحدٌ
يثني عليك لسانُ من لم توله
ردتْ صنائعُه عليه حياتَهُ


فالناسُ فيه كلُّهم مأجورُ
في كلِّ دارٍ رنَّةٌ وزفيرُ
خيراً لأنَّك بالثناءِ جديرُ
فكأنَّه من نشرِها منشورُ

ب ـ وقال جرير:

ينعي النعاةُ أميرَ المؤمنين لَـنَا
حملتَ أمراً عظيماً فاضطلعتَ به
الشمسُ كاسفةٌ ليست بطالعةٍ


يا خيرَ من حجَّ بيتَ اللهِ واعتمرا
وقمتَ فيه بأمرِ الله يا عمرا
تبكي عليكَ نجومُ الليلِ والقمرا


جـ وقال محارب بن دثار:

لو أعظمَ الموتُ خلقاً أن يواقِعَه
كم من شريعةِ عدلٍ قد نعشتَ لهم
يا لهفَ نفسي ولهفَ الواجدين معي
وأنت تتبعهم لم تألُ مجتهداً
لو كنتُ أملكُ والأقدار غالبةٌ


لعدلِهِ لم يصبْك الموتُ يا عمرُ
كادتْ تموتُ وأخرى منك تنتظرُ
على العدولِ التي تغتالها الحفرُ
سقياً لها سننٌ بالحقِّ تفتقرُ
تأتي رواحاً وتبياناً وتبتكرُ


رحم الله أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز وأعلى ذكره في المصلحين؛ فهذه معالم من سيرته الإصلاحية التجديدية الراشدية التي سار بها على منهاج النبوة، وقد حفظ الله لنا هذه السيرة، ولم تهملها الليالي، ولم تفصلها عنا حواجز الزمن ولا أسوار القرون؛ فلعلها تجد من يسير على نهجه من حكامنا وزعمائنا وقادتنا، وما ذلك على الله بعزيز في جيلنا أو في غيره.
يمكنكم تحميل كتاب الدولة الأموية عوامل الازدهار وتداعيات الانهيار
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي:
الجزء الأول:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC9(1).pdf
الجزء الثاني:
http://alsallabi.com/uploads/file/doc/BookC139.pdf
كما يمكنكم الاطلاع على كتب ومقالات الدكتور علي محمد الصلابي من خلال الموقع التالي:
http://alsallabi.com 


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022