من كتاب الوسطية في القرآن الكريم
(التعريف بالقرآن الكريم)
الحلقة: الحادية والعشرون
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
ربيع الأول 1442 ه/ أكتوبر 2020
أولاً: معنى القرآن في اللغة:
القران من مادة: قرأ، ومنه: قرأت الشيء، فهو قران: أي: جمعته، وضممت بعضه إلى بعض، فمعناه: الجمع، والضم. ومنه قولهم: ما قرأَتْ هذه الناقة سلىً قَطُّ، وما قرأَتْ جنيناً؛ أي لم تضمَّ رحمها على ولد.
قال أبو عبيدة رحمه الله: (..وإنما سمي قراناً؛ لأنه يجمع السور، فيضمها، وتفسير ذلك في آية القرآن، قال الله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [القيامة: 17] مجازه: تأليف بعضه إلى بعض...) ثم قال: وفي آية أخرى: { فَإِذَا قَرَأْتَ القرآن } [النحل: 98] مجازه: إذا تلوت بعضه في إثر بعض؛ حتى يجتمع، وينضمَّ بعضه إلى بعض، ومعناه: يصير إلى معنى التأليف، والجمع، ثم استشهد على هذا المعنى، بقول عمرو بن كلثوم:
ذِرَاعَيْ حرَّةٍ أدماءَ بَكْرٍ هِجَانِ الَّلون لم تقرأ جنينا
أي: لم تضم في رحمها ولداً قط فسمي القرآن قراناً ؛ لأنه جمع القصص، والأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، والايات، والسور بعضها إلى بعض.
ويذكر أبو بكر الباقلاني: أنَّ القرآن يكون مصدراً، واسماً: مصدراً كما في قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ *} [القيامة: 17] واسماً كما في قوله تعالى: {وَإِذَا قَرَأْتَ القرآن جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا *}[الإسراء:45].
ويروى عن الشافعيِّ ـ رحمه الله ـ: أنَّ القرآن اسم علم لكتاب الله، غير مشتقٍّ: كالتوراة، والإنجيل.
قال القرطبيُّ ـ رحمه الله ـ: (والصحيح الاشتقاق في الجميع). أي: في القرآن، والتوراة، والإنجيل.
معنى القرآن في الاصطلاح:
القران الكريم هو اسم لكلام الله تعالى، المنزل على عبده، ورسوله محمد (ص)، وهو اسم لكتاب الله خاصَّةً، ولا يسمى به شيء غيره من سائر الكتب، وإضافة الكلام إلى الله تعالى إضافة حقيقية، من باب إضافة الكلام إلى قائله.
ولمَّا ظهر الخوض في صفات الله تعالى، وفي كلام الله خاصة، من قبل الزنادقة، وفرق المبتدعة؛ احتاج أهل السنة إلى تعريف القرآن تعريفاً يظهرون فيه معتقدهم في صفات الله تعالى عامة، وفي صفات الكلام خاصَّةً، ومنه القرآن، مخالفين بذلك أهل البدع من الجهمية، والمعتزلة، وغيرهم.
فقال أبو جعفر الطحاوي رحمه الله: (وإنَّ القرآن كلام الله، منه بدأ بلا كيفية قولاً، وأنزله على رسوله وحْياً، وصدَّقه المؤمنون على ذلك حقّاً، وأيقنوا: أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوقٍ ككلام البريَّة، فمن سمعه، فزعم: أنه كلام البشر؛ فقد كفر).
يمكنكم الرجوع للموقع الرسمي للدكتور علي الصلابي:
من يمكنكم تحميل كتاب :الوسطية في القرآن الكريم
من الموقع الرسمي للدكتور علي محمَّد محمَّد الصَّلابي