الثلاثاء

1446-12-28

|

2025-6-24

تأملات في الآية الكريمة:

{فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}

من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

الحلقة: 125

بقلم الدكتور علي محمد الصلابي

ربيع الآخر 1444ه / نوفمبر 2022م

 

ومعنى كرة: عودة إلى الدنيا ورجعة {فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} أي: نستأنف حياة جديدة فنؤمن بالله ونطيعه، ونستقيم على منهجه، ولا نقف هذا الموقف، وفي آيات أخرى شرحت هذه المسألة، يقول تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا أنّها كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100)} ]المؤمنون:99-100[، يعني {كَلَّا..} ]المؤمنون:100[ لن يعودوا مرة أخرى، وما هي إلا كلمة يقولونها بألسنتهم يريدون النجاة بها، لكن هيهات فبينهم وبين الدنيا برزخ يعزلهم عنها، ويمنعهم العودة إليها، وسوف يظل هذا البرزخ إلى يوم يبعثون.

وفي آية أخرى حول هذا المعنى يُرقّي الحق - تبارك وتعالى- المسألة من موقف الموت إلى موقف القيامة، فيقول سبحانه: {وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآَيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ]الأنعام:127[.

وهذا كذب منهم وقول باللسان لا يوافقه العمل؛ لذلك ردّ الحق تبارك وتعالى عليهم بقوله: {بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} ]الأنعام:28[(1).

وفي قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} ما هو إلا التمنّي، فلا رجعة ولا شفاعة فهذا يوم الدين(2).

وفي قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الفاء للإفصاح؛ لأنّها سدّت عليهم كل منافذ النجاة، فتمنّوا رجعة إلى الدنيا كرة أخرى يؤمنون فيها ويدركون الحق ويذعنون له، و"لو" هنا للتمني، وهو تمني أن يعودوا إلى الدنيا كرة أخرى، والفاء فاء السببية، وأن مضمرة بعدها، أي فتكون بسبب ذلك من المؤمنين المذعنين للحقّ الذي لا يمارون فيه، وكان الكلام في يوم الآخرة عندما قال - عليه السّلام - يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، ولقد أشار سبحانه من بعد ذلك إلى تتمة القصة فقال سبحانه(3).

 

مراجع الحلقة الخامسة والعشرون بعد المائة:

(1) تفسير الشعراوي، محمد متولي الشعراوي، (17/10615).

(2) في ظلال القرآن، سيد قطب، (6/2605).

(3) زهرة التفاسير، الإمام محمد أبو زهرة، (10/5375).

 

يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ

من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي


مقالات ذات صلة

جميع الحقوق محفوظة © 2022