تأملات في الآية الكريمة:
{ قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ }
من كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
الحلقة: 208
بقلم الدكتور علي محمد الصلابي
رجب 1444ه/ فبراير 2023م
في الآية السابقة، بشرت الملائكة إبراهيم - عليه السّلام - بغلام عليم، وهنا في هذه الآية يستفهم إبراهيم من الملائكة فيقول لهم: هل تبشروني بعد أن مسّني الكبر {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}.
أ- {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي}:
قال أي: إبراهيم عليه الصلوات والتسليم، {أَبَشَّرْتُمُونِي}: الهمزة للاستفهام داخلة على الفعل الذي يتضمن فعلاً وفاعلاً ومفعولاً به.
ب- {عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ}:
على بمعنى أو متضمنة البعدية أو هي على معناها الأصلي، كما نقول: "أتغفر لي على ما كان مني" أي على وضعي الذي أنا عليه؛ فهي للاستعلاء والتمكّن، أي بعد أن توغلت في الكبر وتمكن مني وتمكنت منه، بمعنى أبعدت وأوغلت، وعبّر بالمسّ ليفيد أن الكبر منه والكبر: الهرم وقطع سنوات عديدة من العمر.
ج- {فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}:
الفاء تفريعية، و"بمَ" بأي شيء تبشروني، وحذفت الياء ليس لمراعاة الفواصل، فهي مقصد يتبع المعنى والبلاغة، ولكن الأهم من مراعاة الفواصل، وهي مهمة لكنها أقل أهمية، والأهم المسارعة في التعبير وخفة القول والنطق، والحذف ليس من نصيب الياء فحسب، بل معها أيضاً حذف النون الثانية من أهل الكلمة وهو: تبشرونني.
• الدروس والفوائد في الآية الكريمة:
- الاستفهام يحمل معاني عديدة وعريضة والمقصد الأصلي منه الاستعلام والتعجب، والآية هنا جاءت على هذا الغرض وليس الاعتراض.
- هذه الآية فيها البشرى في أولها وآخرها {قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي}؟ والتكرار مقصود لذاته وهو تقرير المعنى بالتكرير.
- في الكون سنن يتعامل بها البشر ويعيشون وفقها، ومتى شاء الله خرق هذه السنن ونقض هذه النواميس.
- إنَّه - عليه السّلام - استعظم نعمة الله عليه؛ فاستفهم هذا الاستفهام التعجبي المبني على السنن التي أجراها الله بين عباده، لا أنه استبعد ذلك على قدرة الله فهو من أجل من ذلك قدراً.
- {فَبِمَ} هي "ما" الاستفهامية أو ماذا؛ دخلها معنى التعجب كأنه قيل فبأي أعجوبة {تُبَشِّرُونَ}.
مراجع الحلقة الثامنة بعد المائتين:
(1) تفسير سورة الحجر، أحمد نوفل، ص289.
يمكنكم تحميل كتاب إبراهيم خليل الله دَاعِيةُ التَّوحِيدِ وَدينِ الإِسلَامِ وَالأُسوَةُ الحَسَنَةُ
من الموقع الرسمي للدكتور علي الصَّلابي